ورثت عن أمها إسورة ذهب لم تكن تؤدي زكاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ورثت عن والدتي إسورة، ولا أعتقد أن والدتي قد أدت زكاتها طيلة عمرها، وقد بدأت الآن في طلب العلم، وأحتاج المال لشراء كتب وطباعة بحوث، مع العلم بأن زوجي يقوم بالإنفاق علينا من مأكل ومشرب وملبس، ولكنه يعتبر هذه الأمور ثانوية فلا يمدني بالمال اللازم لذلك.
فهل يجوز لي أن أقوم ببيع هذه الإسورة وأصرف منها على طلب العلم، مع أخذ العهد على نفسي إن رزقني الله مالا أن أقوم بدفع مبلغ لأداء الزكاة عنها، أو عليّ بيعها وأدفع زكاتها، وهل يحق لي أن أصرف منها على أشياء أخرى غير طلب العلم، أو فقط أجعل مالها وقفا لطلب العلم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: لا تجب الزكاة في الذهب إلا إذا بلغ نصاباً، وهو ٨٥ جراماً.
فإذا كانت هذه الإسورة قد بلغت النصاب، أو كان عند والدتك ذهب آخر إذا انضم إلى الإسورة بلغ نصاباً ففيها الزكاة. فإن لم يبلغ النصاب فلا زكاة فيها.
ثانياً: اختلف العلماء في وجوب الزكاة في الذهب المعد للاستعمال (الحلي) . وسبق في جواب السؤال رقم (١٩٩٠١) أن الراجح هو وجوب الزكاة فيه.
فإذا كانت والدتك لم تخرج الزكاة عن هذه الإسورة طيلة عمرها لأنها سألت من أفتاها بعدم وجوب الزكاة، أو لم تعلم وجوب الزكاة فيها فلا يجب عليك إخراج الزكاة عما مضى من السنين، أما إذا كانت قد علمت بوجوب الزكاة غير أنها تركت إخراجها تفريطاً فيجب عليك إخراج الزكاة من تركتها عن السنوات الماضية، لأنها حق لله تعالى.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: عن امرأة لم تعلم بوجوب زكاة الحلي إلا قريباً، فهل تخرج زكاة ما مضى من السنوات؟
فأجاب: الذي أرى أنه لا يجب عليها زكاة ما مضى، لأن المعروف في هذه البلاد والمفتى به هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه لا زكاة في الحلي المُعَدَّ للاستعمال أو العارّية، وعلى هذا فلا يجب عليها زكاة ما مضى، ولكن يجب عليها الزكاة عن هذا العام الذي علمت فيه أن الزكاة واجبة في الحلي، وعما يستقبل من الأعوام، لأن القول الصحيح الذي تؤيده الأدلة أن الزكاة واجبة في الحلي، وإن كان مستعملاً. والله الموفق.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (١٨/١٤٢)
وسئل أيضاً: عن امرأة امتلكت حلياً منذ أربع سنوات، فهل تخرج زكاتها عن هذه السنين الماضية أم لا؟
فأجاب:
" الراجح من أقوال أهل العلم وجوب الزكاة في الحلي إذا بلغ النصاب. . . .
أما سؤالها: هل يجب عليها أن تُخرج زكاة ما مضى من السنوات؟
فجوابه: إن كانت تعتقد وجوب الزكاة منذ أربع سنوات وجب عليها أن تخرج الزكاة لهذه السنوات الأربع، لأن تأخيرها الإخراج يعتبر تفريطاً منها، فعليها التوبة إلى الله وإخراج زكاة ما مضى، وإن كانت لا تعتقد وجوب الزكاة إما لأنها لم تعلم أو لأنها ترددت لاختلاف العلماء في ذلك ثم بدا لها أن الزكاة واجبة فإنه يجب عليها الزكاة من السنة التي اعتقدت وجوب زكاة الحلي فيها " اهـ.
فتاوى ابن عثيمين (١٨/١٤٦)
ثالثاً: في الحال التي لا يجب عليك إخراج الزكاة عن هذه الإسورة، فإنها ستكون ملكاً لك تتصرفين فيها كيفما شئت، فلك أن تبيعيها وتنفقي منها على طلب العلم وغيره. وفي الحال التي يجب عليك إخراج الزكاة فيها، فإن الواجب إخراجها على الفور ولا يجوز تأخيرها.
فإما أن تخرجي الزكاة من غير هذه الإسورة إن كانت عندك أموال أخرى، وإما أن تبيعيها، وتخرجي الزكاة منها، وباقي ثمنها يكون ملكاً لك تنفقين منه حيث شئت.
رابعاً: كان الواجب عليكم المبادرة بإخراج الزكاة قبل قسمة التركة، لأن الزكاة تعتبر ديناً، وقد أجمع أهل العلم على أن وفاء الديون يُبدأ به قبل قسمة التركة. راجع السؤال (٢١٢٧١) .
وبما أنكم قسمتم التركة قبل إخراج الزكاة فإن الزكاة توزع على جميع الورثة، كلٌّ يجب عليه إخراج جزء منها حسب نصيبه من الميراث، فإن تبرع أحدٌ وأخرجها كلها أجزأ ذلك، وكان محسناً.
وخلاصة الجواب:
إذا كنت تعلمين أن والدتك لم تُخرج زكاة هذه الإسورة لأنها لا تعلم بوجوب زكاتها، أو قلّدت من قال من العلماء بأن الحليّ لا زكاة فيه، فلا يجب عليك إخراج الزكاة وإذا كنت تعلمين أنها لم تخرج الزكاة تفريطاً مع علمها بوجوبها، فالواجب عليك إخراج الزكاة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب