ورث أرضا ثم عرضها للبيع فهل تلزمه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا أرض قمنا ببيعها قبل شهر وهذه الأرض فيها ورثة أحدهم كان قاصراً بلغ تمام ١٨ عشرة من عمره قبل البيع بشهر وكنا قد قررنا البيع قبل سنة من هذا التاريخ ولكن مسألة الوريث القاصر قد أجلت البيع إلى هذه السنة علماً بأننا لم نعرض الأرض في مكتب الدلالية في حينها ولم نجر أي اتفاق بشأن البيع مع أي مشتر في حينها ولكن تأجلت إلى حين بلوغ القاصر السن القانوني سؤالي هو: هل يوجد على الأرض زكاة علماً بأنها باسم الورثة منذ ١٦ سنة ولم يكن لديهم النية في بيعها حتى هذا العام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا زكاة على هذه الأرض؛ لأن جمهور الفقهاء يشترطون لزكاة التجارة أن يملكها الإنسان بفعله بنية التجارة، فإذا ملكها بإرث فقد ملكها بغير فعله، فلا زكاة عليه ولو نوى التجارة.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يصير العرض للتجارة إلا بشرطين ; أحدهما أن يملكه بفعله, كالبيع , والنكاح , والخلع , وقبول الهبة , والوصية , والغنيمة , واكتساب المباحات ... والثاني: أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم يصر للتجارة وإن نواه بعد ذلك.
وإن ملكه بإرث , وقصد أنه للتجارة , لم يصر للتجارة لأن الأصل القنية , والتجارة عارض, فلم يصر إليها بمجرد النية , كما لو نوى الحاضر السفر , لم يثبت له حكم السفر بدون الفعل.
وعن أحمد , رواية أخرى , أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية ; لقول سمرة: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع. فعلى هذا متى نوى به التجارة صار للتجارة " انتهى من "المغني" (٢/٣٣٦) باختصار.
والقول الأول هو المذهب عند الحنابلة، والحنفية والمالكية والشافعية.
وانظر: "بدائع الصنائع" (٢/١٢) ، "شرح الخرشي على خليل" (٢/١٩٥) ، "المجموع" (٦/٥) ، "الموسوعة الفقهية" (٢٣/٢٧١) .
وأما القول الثاني الذي هو رواية عن أحمد، فقد رجحه الشيخ ابن عثيمين، لكن فَرَّق بين من يبيع الأرض ليتكسب ويربح ويتجر، وبين أن يبيعها لأنه لم يعد بحاجة إليها، وقد رغب عنها، فالأول عليه الزكاة بخلاف الثاني.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والقول الثاني في المسألة: أنها للتكون للتجارة بالنية ولو ملكها بغير فعله، ولو ملكها بغير نية التجارة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) وهذا الرجل نوى التجارة، فتكون لها.
مثال ذلك: لو اشترى سيارة يستعملها في الركوب، ثم بدا له أن يجعلها رأس مال يتجر به فهذا تلزمه الزكاة إذا تم الحول من نيته. فإن كان عنده سيارة يستعملها، وبدا له أن يبيعها فلا تكون للتجارة؛ لأن بيعه هنا ليس للتجارة، ولكن لرغبته عنها.
ومثله لو كان عنده أرض اشتراها للبناء عليها، ثم بدا له أن يبيعها ويشتري سواها، وعرضها للبيع فإنها لا تكون للتجارة؛ لأن نية البيع هنا ليست للتكسب بل لرغبته عنها، فهناك فرق بين شخصين: أحدهما يجعلها رأس مال يتجر بها، وشخص عَدَل عن هذا الشيء ورغب عنه، وأراد أن يبيعه، فالصورة الأولى فيها الزكاة على القول الراجح، والثانية لا زكاة فيها " انتهى من "الشرح الممتع" (٢/٦٢٦) .
والحاصل: أنه لا تلزمكم الزكاة، على القولين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب