هل يجوز أن تصرف النذر لأبيها الفقير؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حامل بعد ٥ سنوات فنذرت إن أتممت الثلاثة شهور الأولى من الحمل أن أتصدق بمبلغ من المال وأنا الحمد لله تم شرط النذر وأريد أن أخرج المبلغ إلى والدي علما أن وضعه المادي صعب جدا فباقي لديه من إخوتي ٤ بنات طالبات وولد يدرس بالجامعة وأمي، وعليه ديون وساكن بالإيجار علما أنه توظف من جديد ولكن الراتب غير منتظم ولا يكفي لنهاية الشهر فهل يجوز إعطاء والدي المبلغ أم أنه لا تجوز عليه الصدقة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
النذر الذي يعلقه المسلم على حصول شيء له، نذر مكروه، نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم - بل ذهب بعض العلماء إلى تحريمه – ويظن بعض الناس أن هذا النذر يكون سبباً لحصول ما يطلبون، وهذا الظن غير صحيح.
روى البخاري (٦٦٠٨) ومسلم (١٦٣٩) – واللفظ له - عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ النَّذْرِ، وَقَالَ: (إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ) يعني أن النذر ليس سبباً لحصول الخير الذي يرجوه.
وقوله: َإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ) فيه ذم لهذا الناذر، ووصفه بأنه بخيل، لأن البخيل لا يخرج شيئاً من ماله إلا بمقابل يستوفيه أولاً، وهذا الناذر قد فعل ذلك، فإنه لا يتصدق حتى يحصل له مطلبه.
ونظر: "فتح الباري" (١١/٥٧٨-٥٨٠) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:
" اعلم أن النذر لا يأتي بخير ولو كان نذر طاعة، وإنما يستخرج به من البخيل، ولهذا نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعض العلماء يحرمه، وإليه يميل شيخ الإسلام ابن تيمية للنهي عنه، ولأنك تلزم نفسك بأمر أنت في عافية منه، وكم من إنسان نذر وأخيرا ندم، وربما لم يفعل.
ويدل لقوة القول بتحريم النذر قوله تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ) النور/٥٣؛ فهذا التزام موكد بالقسم، فيشبه النذر.
قال الله تعالى: (قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) النور/٥٣ أي: عليكم طاعة معروفة بدون يمين، والإنسان الذي لا يفعل الطاعة إلا بنذر، أو حلف على نفسه يعني أن الطاعة ثقيلة عليه.
ومما يدل على قوة القول بالتحريم أيضا خصوصا النذر المعلق: أن الناذر كأنه غير واثق بالله عز وجل؛ فكأنه يعتقد أن الله لا يعطيه الشفاء إلا إذا أعطاه مقابله ولهذا إذا أيسوا من البرء ذهبوا ينذرون، وفي هذا سوء ظن بالله عز وجل.
والقول بالتحريم قول وجيه " انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (٩/٢٤٢) .
وأما إعطاء النذر لوالدك، والصدقة عليه بها، فإن كان عندك من الأموال ما تستطيعين به النفقة على والدك وسد حاجته، وجب عليك ذلك، وحينئذٍ لا يجوز لك دفع النذر إليه، لأن نفقته واجبة عليك.
أما إذا كانت أموالك لا تكفي للنفقة عليه، فلا حرج عليك من إعطائه النذر، لأن سد حاجته في هذه الحالة أو بعضها أفضل من سد حاجة غيره، وأما إخوانك وأخواتك فيجوز لك أن تعطيهم من النذر ما داموا محتاجين إلى المال، لأن نفقتهم غير واجبة عليك في حال وجود الأب.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب