يعمل محاسبا ووجد عنده زيادة في المال فكيف يتصرف فيها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسب وفي بعض الأحيان يحصل عندي زيادة في المال لا أعرف ماذا أفعل بها لأني لو ذهبت به إلى مسئولي سيقول خذه لك، لأني لو أخبرت الإدارة سيقال: إني سارق وستحصل مشاكل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الظاهر أن هذه الزيادة لا تنشأ إلا عن خطأ في الحساب، وأنها مستحقة للغير، إما لجهة العمل أو غيرها، ولهذا يجب أن تتحرى الدقة في عملك، وأن تفتش في حساباتك الماضية لتعرف المستحق لهذا المال، فإن لم يتبين لك الأمر فاحتفظ به مدة، رجاء أن يتضح لك، ثم إن كان إخبار الإدارة يترتب عليه مفسدة واضحة، مع جزمك بأن المال ليس للإدارة، فلا يلزمك إخبارها، وإنما تتصدق بالمال على نية صاحبه، فإن علمته يوما من الدهر، خَيَّرته بين إمضاء الصدقة، ويكون ثوابها له، أو دفع ماله إليه، ويكون الثواب لك.
وإن كان المال للشركة، لزمك رده إليها، وإدخاله في حسابها بأي وسيلة ممكنة، ولا يشترط إخبار الإدارة بذلك.
قال في "مطالب أولي النهى"(٤/٦٥) : " قال الشيخ تقي الدين: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها ; فالصواب أنه يتصدق بها عنهم , فإنَّ حَبْسَ المالِ دائما لمن لا يُرجى، لا فائدة فيه , بل هو تعريض لهلاك المال واستيلاء الظلمة عليه , وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية , فدخل بيته ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن , ويقول: اللهم عن رب الجارية. وكذلك أفتى بعض التابعين , من غَلَّ (أي: سرق) من الغنيمة , وتاب بعد تفرقهم أن يتصدق بذلك عنهم , ورضي بهذه الفتيا الصحابة والتابعون الذين بلغتهم كمعاوية وغيره من أهل الشام" انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة"(١٥/٤٠٦) فيمن عنده أمانة لغيره وقد غاب صاحبها سنوات، ولا يعلم له عنواناً ولا وارثاً، ويظن أنه قد مات:"إذا كان الواقع كما ذكر فإن شئت فاحفظه واجتهد في التعرف على الرجل المذكور، وإن شئت فتصدق بالمبلغ الموجود لديك على الفقراء، أو ادفعه في مشروع خيري بنية أن يكون ثوابه لصاحبه، فإن جاءك بعدُ صاحبه أو وارثه فأخبره بالواقع، فإن رضي فبها، وإلا فادفع له المبلغ، ولك الأجر إن شاء الله" انتهى.