للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل إبليس مخير؟ ولماذا يحرص على إغواء الناس

[السُّؤَالُ]

ـ[بعد الكثير من التفكير بدأت أفكر بشخصية الشيطان، إذا كان يعلم بأن مصيره جهنم فلماذا يجتهد في فعل الشر؟ الشيطان يوسوس للإنس ليفعوا الشر ولكن من يوسوس للشيطان ليفعل الشر؟ ولماذا؟ ألا يعلم بأنه سيكون وقوداً للنار؟ هل هو يكره الإنس؟ أليس له الخيار في المعصية والإحسان؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إبليس وغيره من الجن والإنس لهم مشيئة واختيار، في فعل الطاعة أو المعصية، كما قال سبحانه: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر) الكهف / ٢٩، وقال: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) الإنسان/٣.

وقد أمر الله تعالى إبليس بالسجود لآدم، فأبى واستكبر وكان من الكافرين. فطرده الله من رحمته، وجعل عليه لعنته إلى يوم الدين.

قال الله عز وجل:

(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) البقرة / ٣٤

وقال: (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. قَالَ يَا إِبلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. قَالَ لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ. قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) الحجر / ٣٠-٣٥.

وهنا طلب إبليس النظرة والتأخير إلى يوم البعث، فأعطاه الله ذلك.

قال سبحانه:

(قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) الحجر /٣٦-٣٨. فلما أيقن إبليس أنه من الهالكين، مع استكباره وكفره بربه، عزم على إغواء من استطاع من عباد الله، ليكونوا شركاءه في الجحيم.

(قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) الحجر / ٣٩، ٤٠

فهو حريص على إلإغواء والإفساد، ليكثر أتباعه وعبّاده من الهالكين الذين يصلون مصيره.

فإبليس يعلم أن مصيره إلى النار، ويطمع أن يأخذ الجميع معه إلى جهنم حسدا وبغيا، وكفرا وعنادا.

وهو يكره الإنس الذين هم ذرية آدم عليه السلام، ويعاديهم لأنه لُعِن وطُرد من رحمة الله بسبب رفضه السجود لأبيهم آدم، ولهذا حَذَّر الله تعالى عباده منه فقال:

(إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) فاطر / ٦.

وإبليس لا يحتاج إلى من يوسوس له، فهو رأس الشر كله.

والمؤمن ينجو من كيده وشره، بطاعته لربه، واستقامته على دينه، فإن الشيطان ليس له سلطان على الذين آمنوا، كما قال سبحانه: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) النحل / ٩٨-١٠٠ والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>