يصلي جميع الفروض في المسجد إلا الفجر فما الحكم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي جميع الفروض في المسجد، والحمد لله، ما عدا الفجر أصليها في البيت، فهل هذا يجوز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اعلم أيها الأخ المكرم أن من نعم الله تعالى عليك أن وفقك لأداء الصلوات في المسجد مع الجماعة، والوقوف بين يدي الله تعالى في بيته لإقامة هذه الشعيرة العظيمة، وأداء ما افترضه الله عليك، وليس هناك شيء أحب إلى الله تعالى من أداء فرائضه. وقد سبق بيان الأدلة على وجوب صلاة الجماعة [راجع السؤال رقم ٨٩١٨] .
وأما ما ذكرته من أنك تصلي الفجر في بيتك، فهذا خطأ يجب عليك التوبة إلى الله تعالى منه، وبلية نسأل الله تعالى أن يعافينا وإياك منها؛ وذلك لأن الأدلة على وجوب صلاة الجماعة ليست خاصة بصلاة دون صلاة، بل هي عامة لجميع الصلوات، وأولها صلاة الفجر التي تسأل عنها.
وكيف تطيب نفسك يا عبد الله بترك صلاة الفجر مع الجماعة، وحرمانها من النور التام يوم القيامة. روى أبو داود (٥٦١) والترمذي (٢٢٣) وابن ماجة (٧٨١) عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) صححه الألباني في صحيح الترغيب.
وكيف تطيب نفسك يا عبد الله بترك جماعة الفجر وحرمانها من اجتماع الملائكة، وشهادتها لك عند رب العالمين. روى البخاري (٥٥٥) ومسلم (٦٣٢) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ) .
وكيف تطيب نفسك يا عبد الله بترك جماعة الفجر، وحرمانها من أجر قيام نصف ليلة. روى مسلم في صحيحه (٦٥٦) عن عثمان رضي الله عنه قال: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ) .
وفي رواية أبي داود (٥٥٥) والترمذي (٢٢١) : (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ) .
وكيف تطيب نفسك يا عبد الله بترك جماعة الفجر وحرمانها من ذمة الله تعالى وجواره. عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله، فمن أخفر ذمة الله كبه الله في النار لوجهه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الكبير في أثناء حديث، وهذا لفظه، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
وأصل الحديث في صحيح مسلم، باب: فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، (٦٥٧)
وقوله: فمن أخفر الله: يعني: نقض عهد الله، ولم يف به، بأن آذى المؤمن الذي أدى الفجر في جماعة.
وكيف تطيب نفسك يا عبد الله بترك جماعة الفجر، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن التثاقل عن جماعة الفجر إنما هو شأن المنافقين. روى البخاري (٦٥٧) ومسلم (٦٥١) واللفظ له، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ)
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن) رواه الحاكم في المستدرك (٧٦٤) وغيره، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي والألباني.
إن المسلم الحريص على الصلاة في جماعة، كما وصفت من حالك، لا تطيب نفسه، إن شاء الله بترك حضور الجماعة في الفجر، بعد ما سمع من كلام النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب