كيف يتعامل مع زوجته المريضة نفسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ ٥ أعوام ولي طفلة عمرها عام ونصف. زوجتي عنيدة ولا تتفاهم مطلقا. وعنادها أدى إلى مشكلة نفسية تأصلت عندها بحيث أني لو لم ألبي مطالبها فإنها تبدأ في البكاء وقد يمتد ذلك أحيانا إلى وقت متأخر من الليل ثم تدخل في الاكتئاب تدريجيا.
منذ البداية وزوجتي لا تحب أهلي. وهي لا تترك لي المجال لأقضي وقتا ممتعا مع أهلي. لقد أساءت إلى والدي عدة مرات. ولأنها تصاب بالاكتئاب فلم أتخذ خطوات تصحيحية معها حتى الآن. لكني لا أستطيع تحمل تصرفاتها تلك. أريد أن أهتم بوالدتي وأن أسعدها هي الأخرى. لقد أخفق والداها في جعلها تحسن من تصرفاتها. كما نصحاها بالذهاب إلى طبيب نفساني، لكنها لا تريد الذهاب. أعلم أنها مصابة إلى حد ما بمرض عقلي. أرجو نصحي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أخي نشكرك لك ثقتك بنا ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً للصواب.
قرأت رسالتك أكثر من مرة وأشعر أنه من الصعب أن أدرك الأمور على تفاصيلها؛ لأنها تبدو معقدة إلى حد ما ولا أستطيع أن أتوجه بالاتهام لأحدكما، ولكن أشعر أن لكل منكما نصيباً من المشكلة.
ولكن هذه بعض التوجيهات التي أنصحك بفعلها، وأسأل الله أن يجعلها عونا لك في تخطي مشكلتك:
أولا:
لابد من رجوع كل منكما إلى الله عز وجل، وذلك لأن المعصية لها أثر على حياة الإنسان في أهله وعلاقته كلها، ولهذا قال بعض السلف: إني لأفعل المعصية فأجد أثرها في أهلي ودابتي. وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحبه. قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه. فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا، فأبغضه. قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا، فأبغضوه. قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض.
ثانيا:
أن يتوجه الإنسان إلى ربه، فيدعوه ويتوجه إلى مولاه سبحانه وتعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) النمل / ٦٢، ألح عليه بالدعاء، وتحرَّ أوقات الإجابة، من ثلث الليل الآخر، والذي ينزل فيها ربنا سبحانه وتعالى فينادي: من يدعوني فأستجيب له، من يستغفرني فأغفر له، من يسألني فأعطيه، من يتوب فأتوب عليه. وينبغي أن تدعو ربك وأنت موقن بالإجابة ولا تستعجل، فإن الله يستجيب للعبد ما لم يستعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي.
ثالثا:
إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ما أنزل داء إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله) أخرجه أحمد (٣٣٩٧) وصححه الألباني في السلسة الصحيحة (١٦٥٠) ، فعليك بالأدعية الشرعية من الرقية وقراءة القرآن وغير ذلك، قال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) الإسراء / ٨٢، وإذا كانت ترفض أن تعرض نفسها على الأخصائي النفسي، فلا يمنع هذا أن تكون الواسطة بينهما.
رابعا:
أكثر ما تحتاجه منك زوجتك أن تكون معها عاطفيا، خذها مثلا في نزهة بالسيارة إلى أي مكان مريح للأعصاب، أو سافر معها إلى بلد آخر للنزهة، أصر عليها بلطف على ذلك إذا رفضت، واختر النشاطات التي كانت تألفها وتسر منها مثل الذهاب إلى مكان ما تحبه أو ممارسة هواياتها.
خامسا:
لا تصر بقوة إذا رفضت التعاون، فالمكتئب يحب جلب نظره إلى الأشياء، وليس إلى مطالبته بها، لأنه سوف يزيد من شعوره بالفشل.
سادسا:
أوصيك بالرفق، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه.
أخيرا أخي السائل لاحظ أن المريض بالاكتئاب كسول ولا يقبل أن يحسن من حاله، بأن يخرج من حالة الاكتئاب من تلقاء نفسه، وتذكر أن معظم حالات الاكتئاب يمكن أن تعالج لكنها قد تحتاج إلى وقت طويل وصبر جميل، وتذكر أنه ربما تكون أنت من أسباب مرضها فلا تستعجل بالاستغناء عنها وعليك أن تساعدها على الخروج مما هي فيه، وتذكر أن الصبر مهما كانت مرارته إلا أن عوقبه حميدة.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب