للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل تشرع الموعظة عند القبر؟

[السُّؤَالُ]

ـ[ما مشروعية الموعظة عند القبر؟ سمعنا من يقول إنها ما وردت عن الرسول ومن يقول إنها سنة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نعم. القول بأنها ما وردت على إطلاقه غير صحيح. والقول بأنها سنة غير صحيح.

ووجه ذلك أنه لم يرد أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقف عند القبر أو في المقبرة إذا حضرت الجنازة ثم يعظ الناس ويذكرهم كأنه خطيب جمعة، وهذا ما سمعنا به، وهو بدعة وربما يؤدي في المستقبل إلى شيء أعظم، ربما يؤدي إلى أن يتطرق المتكلم إلى الكلام عن الرجل الميت الحاضر، مثل أن يكون هذا الرجل فاسقاً مثلاً، ثم يقول انظروا إلى هذا الرجل بالأمس كان يلعب بالأمس كان يستهزئ بالأمس كان يقول كذا وكذا، والآن هو في قبره مرتهن، أو يتكلم في شخص تاجر مثلاً فيقول: انظروا إلى فلان بالأمس كان في القصور والسيارات والخدم والحشم وما أشبه ذلك والآن هو في قبره.

فلهذا نرى ألا يقوم الواعظ خطيباً في المقبرة لأنه ليس من السنة، فلم يكن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقف إذا فرغ من دفن الميت أو إذا كان في انتظار دفن الميت يقوم ويخطب الناس أبداً ولا عهدنا هذا من السابقين، وهم أقرب إلى السنة منا. ولا عهدناه أيضاً فيمن قبلهم من الخلفاء، فما كان الناس في عهد أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا عليّ فيما نعلم يفعلون هذا، وخير الهدي هدي من سلف إذا وافق الحق

وأما الموعظة التي تعتبر كلام مجلس، فهذه لا بأس بها، فإنه قد ثبت في السنن أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج أو أتى بقيع الغرقد وفيه ناس يدفنون ميتاً لهم، لكن الميت لمَّا يلحد، يعني معناه أنهم يحفرون القبر، فجلس وجلس حوله أصحابه وجعل يحدثهم بحال الإنسان عند موته وحال الإنسان بعد دفنه حديثاً هادئاً ليس على سبيل الخطبة.

وكذلك ثبت عنه في صحيح البخاري وغيره أنه قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار " فقالوا: يا رسول الله: ألا نتكل؟ قال: لا. اعملوا، فكل ميسّر لما خُلِق له "

والحاصل أن الموعظة التي هي قيام الإنسان يخطب عند الدفن أو بعده ليست من السنة ولا تنبغي لما عرفت، وأما الموعظة التي ليست كهيئة الخطبة كإنسان يجلس ومعه أصحابه فيتكلم بما يناسب المقام فهذا طيب اقتداءً برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[الْمَصْدَرُ]

لقاءات الباب المفتوح للشيخ ابن عثيمين (٢/٥٥-٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>