حكم ما يسمى " المعالجة المِثليَّة "
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف حكم اتخاذ " المعالجة المثلية " كدواء، اكتشفت أن الدواء المستخدم هو سائل محتوي على الكحول المستخدم لحفظ الدواء، فهل يحل استخدام هذا الدواء؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
المعالجة المثلية، أو التداوي بالمثل هو إعطاء المريض جرعات صغيرة من ذات الداء المصاب به! ولا تزال الأبحاث والدراسات قائمة على هذا النوع من المعالجة، ولم يُقطع بعدُ بنجاحه في عالم الطب.
جاء في " الموسوعة العربية العالمية ":
"التداوي بالمثل" "Homeopathy ":
"التَّداوي بالمثل أسلوب للعلاج الطبِّي يقوم على أساس " دع المشابِه يَشفي مثيله "، وحسبما يقول أطباء هذا الأسلوب: فإن المادة التي تَسبِّب أعراضاً في الشخص الصحيح: تشفي هذه الأعراض نفسها عند الشخص المريض، فبعض النباتات - على سبيل المثال - تسبب طفحاً جلديّاً، وهكذا يعالج الأطباء المِثْلِيُّون الطفح بهذه النباتات، والبصل يسيل الدموع، ويسبب سيولة في الأنف، ولذا يُستخدم البصل في علاج " نزلات البرد "، وقد توصَّل الطبيب الألماني " صمويل هانمان " لطرق المعالجة المثلية في نهاية القرن الثامن عشر.
ويتم اكتشاف المعالجات المثلية بعملية تسمى " الإثبات "، وفيها تتم تجربة مواد مختلفة على الأصحَّاء، ومتابعة آثارها بعناية، ويعطي أطباء المعالجة المثلية للمرضى علاجاً واحداً فقط في كل مرة، إذ يعتقدون أن استعمال أكثر من دواء يؤثِّر في فاعلية كل دواء، وتخفف الأدوية بحيث يتلقى المريض أقل جرعة فَعَّالة من الدواء، ويُعتقد أن هذا الإجراء يصل بفائدة العلاج إلى ذروتها، كما أنها تمنع الآثار الجانبية الضارة.
ويحتوي الكثير من أدوية المعالجة المثلية على مواد يمكن أن تكون سامة، أو خطرة على البشر، إذا ازدادت جرعتُها، وفضلاً عن ذلك: فإن الفاعلية الطبية للمعالجات المثلية لم تُثبت علميّاً، ولهذه الأسباب تتعرض المعالجة المثلية للنقد من جانب كثير من الأطباء" انتهى.
ثانياً:
أما بخصوص ما تحتويه تلك المعالجات من مواد: فإنه يُنظر إلى طبيعتها ليتم الحكم عليها وفق الأدلة الشرعية من الكتاب والسنَّة.
أ. أما بخصوص المواد السميَّة: فقد منع بعض العلماء من تناول السموم، كثيرها، وقليلها، ضارها، وما يتوقع نفعها، وأباحها آخرون من أهل العلم، ولهم في ذلك ضوابط، ومن قال منهم بالجواز: فإنه يقول بأنه يُنظر إلى أثر ذلك السم، ومدى نفعه لبدن المريض، ولا بدَّ أن يكون ذلك على ضوء تجارب متعددة تجعل القلب مطمئناً لنتائجه، وأن تكون هذه الأدوية دافعة لما هو أشد منها.
قال ابن قدامة رحمه الله:
"وما فيه السموم من الأدوية: إن كان الغالب من شربه واستعماله الهلاك به أو الجنون: لم يبح شربه، وإن كان الغالب منه السلامة ويرجى منه المنفعة: فالأوْلى إباحة شربه لدفع ما هو أخطر منه كغيره من الأدوية.
ويحتمل أن لا يباح؛ لأنه يعرض نفسه للهلاك، والأول: أصح؛ لأن كثيراً من الأدوية يخاف منه، وقد أبيح لدفع ما هو أضر منه" انتهى باختصار من "المغني" (١/٤٤٧) .
ب. أما بخصوص استعمال الأدوية التي تحتوي على الكحول: فاعلم أنه يتعلق بالكحول ها هنا أمران: الأول: هل هو نجس أم لا؟ والثاني: هل يؤثر في خلطه بغيره من الأدوية أم لا؟ .
أما الأمر الأول: فقد ذهب جمهور العلماء إلى نجاسة الخمر نجاسة حسيَّة، وذهب آخرون من العلماء إلى أن نجاستها نجاسة معنوية.
وأما الأمر الثاني: فالكحول إذا خُلط بغيره من الأدوية: فإما أن يكون تأثيره واضحاً، وقويّاً، وفعَّالاً، وإما أن لا يكون، فإن كان تأثيره واضحاً، وقويَّاً، وفعَّالاً: حرُم الخلط، وحرُم استعمال تلك الأدوية.
وإن لم يكن للكحول تأثيرٌ في تلك الأدوية: جاز استعماله، وهناك فرق بين تناول الكحول مباشرة وبين خلطه بغيره، فإن تناولَه المرءُ وحده لم يجز حتى لو قلَّت كميته، وإن خُلط بغيره: فعلى ما سبق تفصيله.
وانظر فتوى علماء اللجنة الدائمة في ذلك في جواب السؤال رقم: (٤٠٥٣٠) .
وانظر فتوى تفصيلية للشيخ محمد بن صالح العثيمين في جواب السؤال رقم: (٥٩٨٩٩) .
والخلاصة:
١. لم يثبت نفع المعالجة المثلية عند حذَّاق الأطباء، وهناك من يحاربها، ويمنع منها.
٢. لا تُقدم على أي علاج إلا أن يثبت نفعه – لعامة المرضى - بيقين، أو بظن راجح.
٣. احذر من الأدوية المشتملة على مواد سمية، أو كحولية، إلا أن تكون كميتهما قليلة، ويثبت نفع تلك الأدوية على عامة المرضى وفق دراسات مؤكدة، ونتائج محققة.
٤. ننصحك بالرقية الشرعية، المكونة من القرآن والأذكار والأدعية الشرعية، تقرؤها على نفسك، وتستعين بالله تعالى أن يدفع عنك المرض، وننصحك باستعمال الأدوية التي نصَّ الشرع على كونها نافعة مفيدة، كالعسل، والحبة السوداء، ولا بأس من الرجوع إلى الأطباء في تحديد نسبة ذلك، وطريقة تناوله.
ونسأل الله أن يشفي ويعافي مرضى المسلمين.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب