غاب خطيب الجمعة فصلوا الظهر بدلها
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث في إحدى الجمع الماضية عدم حضور إمام وخطيب صلاة الجمعة لأي سبب كان، ولم يتم خطبة الجمعة، أي: صلوها صلاة الظهر، لكن أحد الإخوة ذكر بأن هنالك حديثا للرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بأن يقوم أحد الإخوة المصلين بتلاوة سورة الإخلاص ثلاث مرات على المنبر، وهي كافية عن خطبة الجمعة. ما مدى صحة الحديث؟ وإذا تكررت هذه الحالة ما العمل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا غاب خطيب الجمعة فالواجب على الحضور أن يقدموا أحدهم ليخطب بهم ثم يصلي بهم الجمعة ركعتين، وليس لهم أن يتركوا الخطبة ويصلوا الظهر أربع ركعات.
والخطبة تصح بأدنى كلام فيه ذكر الله تعالى وتذكير الحاضرين ووعظهم، فلو حمد الله تعالى، وقرأ آية أو آيتين وأوصى الناس بتقوى الله عز وجل والاستعداد للآخرة ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقد حقق الخطبة، وأجزأ عن جميع الحاضرين.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
" إذا أتى في كل خطبة بما يحصل به المقصود من الخطبة الواعظة الملينة للقلوب فقد أتى بالخطبة، ولكن لا شك أن حمد الله، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقراءة شيء من القرآن من مكملات الخطبة، وهي زينة لها " انتهى.
"الفتاوى السعدية" (ص/١٩٣) .
ولا يكفي قراءة سورة الإخلاص فقط ثلاث مرات، إذ لا تعد قراءة هذه السورة خطبة عرفا، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة الكرام ـ فيما نعلم ـ الاقتصار عليها في خطبهم، بل الواجب هو الإتيان بأدنى كلام يصدق عليه وصف الخطبة: مما يشتمل على حمد الله والثناء عليه وتوصية الحضور بالالتزام بشرع الله تعالى بأي جملة أو عبارة يختارها الخطيب، هذا ما يجب في حال غياب الخطيب الراتب.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
يقولون إن الإمام المعين الراتب لو مرض أو سافر إلى خارج البلدة فلا يجوز لأحد أن يصلي بالناس بدون إذن الإمام المعين، ولو كان هناك عالما دينيا أو من يقدر على الإمامة بطريقة حسنة، وقد غاب الإمام الراتب مرة يوم الجمعة عن الصلاة ولم يحضر في المسجد، فأراد أحد المصلين أن يقوم بالإمامة وهو متخرج من جامعة دينية، ولكن بعض الناس منع إمامته، وقالوا: لا يجوز لأحد أن يصلي بالناس صلاة الجمعة حتى يأذن الملك أو الإمام المعين الراتب، ولما سئل الإمام المعين عن هذه المسألة سكت ولم يجب شيئا، فصلى الناس صلاة الظهر أفرادا يوم الجمعة، وكان عدد المصلين كثيرا جدا، فهل هذا يجوز؟
فأجابوا:
" لا تجوز الإمامة في مسجد له إمام راتب إلا بإذنه أو عذره، وإذا تأخر عن الحضور في الوقت المعتاد فلا بأس أن يصلي بالناس من يصلح للإمامة من الحاضرين في الجمعة وغيرها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما تأخر أم الناس أبو بكر، وفي غزوة تبوك لما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم عن وقته المعتاد في صلاة الفجر أم الناس عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقد صلى بهم عبد الرحمن الركعة الأولى، فأراد عبد الرحمن أن يتأخر فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يكمل الصلاة، وصلى خلفه صلى الله عليه وسلم الركعة الثانية، ثم قضى الركعة التي فاتته بعد السلام من الصلاة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (٦/٢٧٨) .
ثانيا:
إذا وقع وترك الجماعةُ كلُّهم صلاةَ الجمعة بسبب غياب الخطيب، وصلَّوْا بدلَها ظهرا: لم تصح صلاتهم ما لم يخرج وقت الجمعة عند جماهير أهل العلم خلافا للحنفية، لأن الواجب في هذا الوقت هو الجمعة، وهي صلاة مستقلة، ولا تجزئ الظهر عنها بغير عذر ما لم يخرج وقتُها.
قال العلامة زكريا الأنصاري رحمه الله: " ولو تركها أهل البلد فصلوا الظهر لم تصح، لتوجه فرضها عليهم " انتهى.
"أسنى المطالب شرح روض الطالب" (١/٢٦٤) .
وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله: " ومن صلى الظهر ممن يجب عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام أو قبل فراغها، أي: فراغ ما تدرك به الجمعة، لم تصح صلاته لأنه صلى ما لم يخاطب به، وترك ما خوطب به فلم تصح , كما لو صلى العصر مكان الظهر ... وكذا لو صلى الظهر أهل بلد مع بقاء وقت الجمعة لم تصح ظهرهم لما تقدم، ويعيدونها إذا فاتت الجمعة " انتهى بتصرف واختصار.
"كشاف القناع" (٢/٢٤) .
وعلى هذا؛ فصلاتكم الظهر بدلاً من الجمعة لا تجوز ولا تصح؛ لأن الوقت كان وقت الجمعة، فعليكم أن تعيدوا صلاة الظهر.
وإذا تكرر هذا الأمر فالواجب عليكم أحد أمرين:
إما أن يقوم أحد الحضور ويخطب في الناس بما تيسر له.
وإما أن تذهبوا إلى مسجد آخر تدركون فيه صلاة الجمعة.
أما ترك صلاة الجمعة وصلاة الظهر بدلها فلا يجوز ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب