للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحكام الوديعة

[السُّؤَالُ]

ـ[هل لك أن تذكر لي بعض الأحكام المتعلقة بالودائع؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الإيداع: توكيل في الحفظ تبرعاً.

والوديعة لغة: من ودع الشيء إذا تركه , سميت بذلك لأنها متروكة عند المودع.

وهي شرعاً: اسم للمال المودع عند من يحفظه بلا عوض.

ويشترط لصحة الإيداع ما يعتبر للتوكيل من البلوغ والعقل والرشد؛ لأن الإيداع توكيل في الحفظ.

ويستحب قبول الوديعة لمن علم من نفسه أنه ثقة قادر على حفظها؛ لأن في ذلك ثواباً جزيلاً؛ لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) . ولحاجة الناس إلى ذلك , أما من لا يعلم من نفسه القدرة على حفظها، فيكره له قبولها.

ومن أحكام الوديعة أنها إذا تلفت عند المودع ولم يفرط؛ فإنه لا يضمنها؛ كما لو تلفت من بين ماله؛ لأنها أمانة؛ والأمين لا يضمن إذا لم يتعد , وورد في حديث فيه ضعف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أودع وديعة؛ فلا ضمان عليه) رواه ابن ماجة، ورواه الدارقطني بلفظ: (ليس على المستودع غير المغل ضمان) والمغل: الخائن , وفي رواية بلفظ: (لا ضمان على مؤتمن) , ولأن المستودع يحفظها تبرعاً.

, فلو ضمن؛ لامتنع الناس من قبول الودائع , فيترتب على ذلك الضرر بالناس وتعطل

المصلحة.

أما المعتدي على الوديعة أو المفرط في حفظها؛ فإنه يضمنها إذا تلفت؛ لأنه متلف لمال غيره.

ومن أحكام الوديعة أنه يجب على المودع حفظها في حرز مثلها كما يحفظ ماله؛ لأن الله تعالى أمر بأدائها في قوله: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) , ولا يمكن أداؤها إلا بحفظها , ولأن المودع حينما قبل الوديعة؛ فقد التزم بحفظها، فيلزمه ما التزم به.

وإذا كانت الوديعة دابة؛ لزم المودع إعلافها , فلو قطع العلف عنها بغير أمر صاحبها , فتلفت: ضمنها؛ لأن إعلاف الدابة مأمور به , ومع كونه يضمنها؛ فإنه يأثم أيضاً بتركه إعلافها أو سقيها حتى ماتت؛ لأنه يجب عليه علفها وسقيها لحق الله تعالى؛ لأن لها حرمة.

ويجوز للمودع أن يدفع الوديعة إلى من يحفظ ماله عادة؛ كزوجته وعبده وخازنه

وخادمه , وإن تلفت عند أحد من هؤلاء من غير تعد ولا تفريط لم يضمن؛ لأن له أن

يتولى حفظها بنفسه أو من يقوم مقامه , وكذا لو دفعها إلى من يحفظ مال صاحبها؛ برئ منها؛ لجريان العادة بذلك.

[الْمَصْدَرُ]

من كتاب الملخص الفقهي للشيخ صالح آل فوزان ص ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>