للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

امرأة تخجل من القيام بالدعوة

[السُّؤَالُ]

ـ[كنت أشعر بالخجل من المنافقين أو الكفار يغتابونني أو يتحدثون بكلام سيئ عني أو النظر إلي، اختفيت عنهم عندما بدأت الحجاب، ثم اقتنعت بأنه كان من المفيد عدم لقائهم، لم أكن أريد أن أكون خجلة منهم وأعانني الله على ذلك بأن جعلني أعلم بأنني يجب أن لا أخشى ولا أُرضي إلا الله.

أشعر بالخجل أحياناً عندما أقول الحقيقة للناس، أشعر بالخجل من القول للناس عما يطلبه منا القرآن، مثلاً أشعر بالخجل من أن أقول للرجال بأنهم يجب أن يغضوا أبصارهم عن النظر للنساء، أشعر بأنهم لن يستمعوا لنصيحتي أو أنني لا أريد أن ألفت انتباههم بالكلام معهم بهذه الطريقة.

كما أشعر بالخجل من الحديث مع المسلمين عندما يفعلوا شيئا غير صحيح.

غالباً لا أصحح أخطاء الناس مع أنني أريدهم أن يقلعوا عن خطئهم ولكنني أخجل.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

شكر الله لك أيتها السائلة غيرتك على دينك ورغبتك في دعوة غيرك ولكن ينبغي عليك العلم بأنه لا يجب على المرأة دعوة الرجال مباشرة من غير المحارم، لما في ذلك من الفتنة.

وننصحكِ أيتها السائلة – وغيرك من النساء - بتربية النفس على طاعة الله، والقيام بحقوق الله تعالى، وحقوق الزوج والأهل والأولاد، والقيام بالدعوة إلى الله في مجتمع النساء بقدر الاستطاعة، إما بإلقاء كلمة أو قراءة كتاب أو إهداء شريط أو كتاب نافع. أو عقد حلقة شرعية إن كان لديك علم كافً وكذلك الإنكار على صاحبات المنكر، وتقديم النصيحة والموعظة لأخواتك النساء والمساهمة في حل مشكلاتهم الاجتماعية ونحو ذلك.

وأما إحجامك عن الدعوة بسبب الخجل فهذا غير مسوغ لترك الدعوة - وهو من الخجل المذموم - ولكن اعلمي بأن كل عمل يعمله الإنسان فإنه يكون صعباً في البداية ومخجلاً أحياناً، ولكن إذا ما استمر فيه الإنسان فإنه يكون سجيةً له، وأمراً طبيعياً بالنسبة له، بل قد يصل إلى درجةٍ لا يستغني فيها عن هذا العمل، فعليك بالمجاهدة والصبر؛ لأن الدعوة إلى الله – ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – تحتاج إلى صبر لقوله تعالى: (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) فالصبر على الدعوة من أخلاق المؤمنين بل هو من أسباب النجاة من الخسران المبين والذي لا ينجو منه إلا من استثناهم الله في هذه السورة، وهم مَنْ جَمَعَ أربعة أوصاف:

١- الإيمان، والذي لا يحصل إلا بالعلم بالله وبرسوله وبدين الإسلام.

٢- العمل بهذا العلم.

٣- الدعوة إلى هذا العلم.

٤- الصبر على الأذى في سبيل العلم والعمل به والدعوة إليه.

وأما الدعوة عن طريق الإنترنت فهي أمر مطلوب، ولكن النصيحة لكِ ولكل فتاة بالبعد عنه لما فيه من المزالق التي قلما ينجو منها إلا من عصمه الله، وهناك من الناس من تفرغوا للقيام بهذه المهمة العظيمة، والتي تحتاج إلى علم راسخ تُردُ به الشبهات، وإيمان صادق تُرد به الشهوات، وأما إن دخله مَن فقد هذين السلاحين أو أحدهما فقلما ينجو من الفخ. فإذا توفر لديك هذان الشرطان فإن بإمكانك الدخول في هذا المجال.

ثم إنك قد أحسنتِ صنعاً أيتها السائلة عندما قمت بارتداء الحجاب، الذي هو واجب على المسلمة لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/٥٩.

فقد ذكر الله في هذه الآية الحكمة من الحجاب وهو صيانة المرأة به عن أذى الفساق.

وعليك بالبعد عن مجتمع السوء وأصحاب السوء، والإعراض عن الجاهلين. والحمد لله رب العالمين.

[الْمَصْدَرُ]

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>