للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجب ترائي الهلال؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجب على الناس ترائي هلال رمضان؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ذهب جماعة من العلماء إلى أن تعهد رؤية هلال رمضان أول ليلة، واجب على الكفاية، فلو تركه جميع الناس أثموا، وهو قول الحنفية.

واكتفى بعض الفقهاء بالقول باستحباب ترائي الهلال.

قال في "مجمع الأنهار" (١/٢٣٨) : " ويجب على الناس وجوب كفاية التماس الهلال في التاسع والعشرين من شعبان ومن رمضان، وكذا ذو القعدة ; ويجب على الحاكم أن يأمر الناس بذلك " باختصار.

وقال في "الفتاوى الهندية" (١/١٩٧) : " يجب أن يلتمس الناس الهلال في التاسع والعشرين من شعبان وقت الغروب فإن رأوه صاموه , وإن غم أكملوه ثلاثين يوما " انتهى.

وينظر: فتح القدير (٢/٣١٣)

وقال في "كشاف القناع" (٢/٣٠٠) : " (ويستحب للناس ليلة الثلاثين من شعبان أن يتراءوا هلال رمضان)

"ويستحب ترائي الهلال احتياطا للصوم، وحذرا من الاختلاف، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحفظ في شعبان، ما لا يتحفظ في غيره ثم يصوم لرؤية رمضان) رواه الدارقطني بإسناد صحيح.

وعن أبي هريرة مرفوعا: (أحصوا هلال شعبان لرمضان) رواه الترمذي " انتهى.

وحديث (أحصوا هلال شعبان ... ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي (٦٧٨) .

قال في "تحفة الأحوذي": "قال ابن حجر: أي اجتهدوا في إحصائه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراءوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء " انتهى.

وفي "الموسوعة الفقهية" (٢٢ /٢٣) : " رؤية الهلال أمر يقتضيه ارتباط توقيت بعض العبادات بها , فيشرع للمسلمين أن يجدوا في طلبها ويتأكد ذلك في ليلة الثلاثين من شعبان لمعرفة دخول رمضان , وليلة الثلاثين من رمضان لمعرفة نهايته ودخول شوال , وليلة الثلاثين من ذي القعدة لمعرفة ابتداء ذي الحجة. فهذه الأشهر الثلاثة يتعلق بها ركنان من أركان الإسلام هما الصيام والحج , ولتحديد عيد الفطر وعيد الأضحى.

وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على طلب الرؤية , فعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته , فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) . وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الشهر تسع وعشرون ليلة , فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) . أوجب الحديث الأول صيام شهر رمضان برؤية هلاله أو بإكمال شعبان ثلاثين , وأمر بالإفطار لرؤية هلال شوال , أو بإتمام رمضان ثلاثين. ونهى الحديث الثاني عن صوم رمضان قبل رؤية هلاله أو قبل إتمام شعبان في حالة الصحو.

وورد عنه صلى الله عليه وسلم حديث فيه أمر بالاعتناء بهلال شعبان لأجل رمضان قال: (أحصوا هلال شعبان لرمضان) ، وحديث يبين اعتناءه بشهر شعبان لضبط دخول رمضان , عن عائشة رضي الله عنها (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره , ثم يصوم لرؤية رمضان فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام) .

قال الشراح: أي: يتكلف في عد أيام شعبان للمحافظة على صوم رمضان. وقد اهتم الصحابة رضي الله عنهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم برؤية هلال رمضان فكانوا يتراءونه. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: (تراءى الناس الهلال فأخبرت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فصام وأمر الناس بصيامه) . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا مع عمر بين مكة والمدينة , فتراءينا الهلال , وكنت رجلا حديد البصر فرأيته , وليس أحد يزعم أنه رآه غيري. قال: فجعلت أقول لعمر: أما تراه؟ فجعل لا يراه.

وقد أوجب الحنفية كفاية التماس رؤية هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان فإن رأوه صاموا , وإلا أكملوا العدة ثم صاموا ; لأن ما لا يحصل الواجب إلا به فهو واجب.

وقال الحنابلة: يستحب ترائي الهلال احتياطا للصوم وحذارا من الاختلاف. ولم نجد للمالكية والشافعية تصريحا بهذه المسألة " انتهى.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يأثم المسلمون جميعا إذا لم يتراء أحد منهم هلال رمضان دخولا أو خروجا؟

فأجاب: " ترائي هلال رمضان أو هلال شوال أمر معهود في عهد الصحابة رضي الله عنهم؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: (تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه) .

ولا شك أن هدي الصحابة رضي الله عنهم أكمل الهدي وأتمه " انتهى من "٤٨ سؤالا في الصوم" سؤال رقم ٢١.

والذي يظهر أن ترائي هلال رمضان وشوال وذي الحجة واجب على الكفاية، لأنه يتعلق بذلك ركنان من أركان الإسلام: الصوم والحج.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>