هل للرجل أن ينام مع أخته في غرفة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز النوم مع أختي في غرفة واحدة وكلا منا علي سرير منفرد ومتقابل أثناء الصوم بحيث قد نرى بعضنا بعض.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على الرجل أن ينام مع أخته في غرفة واحدة، كل منهما على فراشه، إذا أُمن الاطلاع على شيء من عورتهما، ولا فرق في ذلك بين حال الصوم وغيره.
وعورة المرأة بالنسبة لأخيها وعامة محارمها: جميع بدنها إلا ما يظهر غالبا، كالرقبة والرأس والكفين والقدمين والساقين، قال في "كشاف القناع" (٥/١١) : " (و) لرجل أيضا نظر وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق (ذات محارمه) قال القاضي على هذه الرواية: يباح ما يظهر غالبا كالرأس واليدين إلى المرفقين " انتهى.
وعورته بالنبسة لها: ما بين السرة إلى الركبة.
قال في "كشاف القناع" (٥/١٥) : " (وللمرأة مع الرجل) نظر ما فوق السرة وتحت الركبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: (اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك) ، وقالت عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد) متفق عليه، ولما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبة العيد مضى إلى النساء فذكرهن ومعه بلال فأمرهن بالصدقة؛ ولأنهن لو منعن من النظر لوجب على الرجال الحجاب كما وجب على النساء لئلا ينظرون إليهم " انتهى.
فيجب أن يحتاط كل منهما عند نومه، فيلبس ما يستر عورته، ويحفظه من الانكشاف.
ولما كان النوم مظنة انكشاف العورة، وثوران الشهوة جاءت الشريعة الكاملة المطهرة بالأمر بالتفريق بين الأولاد في المضاجع. كما روى أبو داود (٤١٨) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ)
وروى الدارقطني والحاكم عن سبرة بن معبد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا بلغ أولادكم سبع سنين ففرقوا بين فرشهم وإذا بلغوا عشر سنين فاضربوهم على الصلاة) والحديث صححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم ٤١٨
وقد فسر أهل العلم التفريق في المضاجع بأمرين:
الأول: التفريق بين فرشهم، وهذا هو ظاهر الحديث الثاني.
الثاني: ألا يناما متجردين على فراش واحد، فإن ناما بثيابهما من غير ملاصقة جاز ذلك عند أمن الفتنة.
قال زكريا الأنصاري رحمه الله: " التفريق في المضاجع يصدق بطريقين: أن يكون لكل منهما فراش، وأن يكونا في فراش واحد ولكن متفرقين غير متلاصقين، وينبغي الاكتفاء بالثاني ; لأنه لا دليل على حمل الحديث على الأول وحده. قال الزركشي حمله عليه هو الظاهر بل هو الصواب للحديث السابق: (فرقوا بين فرشهم) مع تأييده بالمعنى وهو خوف المحذور " انتهى من "أسنى المطالب" (٣/١١٣) .
وقال في "كشاف القناع" (٥/١٨) : " (وإذا بلغ الإخوة عشر سنين ذكورا كانوا أو إناثا , أو إناثا وذكورا فرق وليُّهم بينهم في المضاجع فيجعل لكل واحد منهم فراشا وحده) لقوله صلى الله عليه وسلم: (وفرقوا بينهم في المضاجع) أي حيث كانوا ينامون متجردين كما في المستوعب والرعاية " انتهى.
وقال ابن مفلح رحمه الله: " ومن بلغ من الصبيان عشرا منع من النوم مع أخته ومع محرم غيرها متجردين ذكره في المستوعب والرعاية، وهذا والله أعلم على رواية عن أحمد واختارها أبو بكر. والمنصوص واختاره أكثر أصحابنا وجوب التفريق في ابن سبع فأكثر، وأن له عورة يجب حفظها، والمسألة مشهورة مذكورة في كتاب الجنائز " انتهى من "الآداب الشرعية" (٣/٥٣٨) .
وإنما ذكرنا هذا للفائدة، ولئلا يُظن أن الحديث يقتضي عدم نوم الأخ مع أخته في غرفة واحدة، وإن كان هذا هو الأولى لمن تيسر له ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب