للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم

[السُّؤَالُ]

ـ[في معنى الحديث (من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم) . أريد التأكد من صحة الحديث، وراوي الحديث.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

هذا الحديث جاء مرويا عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم، ولكن الطرق إليهم كلها منكرة شديدة الضعف، وهذا بيان ذلك:

الحديث الأول:

عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من الله في شيء، ومن لم يتق الله فليس من الله في شيء، ومن لم يهتم للمسلمين عامة فليس منهم)

روي هذ الحديث من عدة طرق عن حذيفة:

١- عن شقيق بن سلمة عن حذيفة به:

رواه الحاكم في "المستدرك" (٤/٣٥٢) وابن الجوزي في "الموضوعات" (٣/١٣٢) من طريق إسحاق بن بشر، ثنا سفيان الثوري، عن الأعمش، عن شقيق به.

وهذا إسناد شديد الضعف منكر:

بسبب إسحاق بن بشر، جاء في ترجمته في "ميزان الاعتدال" (١/١٨٤) : " قال ابن حبان: لا يحل حديثه إلا على جهة التعجب. وقال الدارقطني: كذاب متروك. يروي العظائم عن ابن إسحاق وابن جريج والثوري " انتهى. ولذلك قال الذهبي في "التلخيص": " أحسب الخبر موضوعا " انتهى. وقال ابن الجوزي: " هذا حديث لا يصح، والمتهم به إسحاق " انتهى. وضعفه العراقي في "تخريج الإحياء" (٢/١٨٠)

٢- عن أبي العالية عن حذيفة:

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٧/٢٧٠) "والصغير" (٢/١٣١) ، وعنه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (٢/٢٥٢) : من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية به. وقال الطبراني: لايروى هذا الحديث عن حذيفة إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبد الله بن أبي جعفر الرازي.

وهذا سند ضعيف منكر:

فرواية عبد الله عن أبي جعفر محل طعن ومظنة نكارة، لذلك قال ابن حبان: يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه. فمثله لا يحتمل تفرده بحديث لم يشاركه فيه سوى المتهمين والمجهولين.

انظر ترجمة عبد الله بن أبي جعفر في "تهذيب التهذيب" (١٢/٥٧) وفي (٥/١٧٧)

وله طريق ثالث ذكره السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" للسيوطي (٢/٢٦٦) ، وضعف الشيخ الألباني سنده جدا، بسبب من فيها من المتهمين، وبعض المجاهيل.

الحديث الثاني:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(من أصبح وهمه غير الله عز وجل فليس من الله في شيء، ومن لم يهتم للمسلمين فليس منهم)

رواه الحاكم في "المستدرك" (٤/٣٥٦) وأبو عبد الله الدقاق في "مجلس إملاء في رؤية الله" (رقم/٣٩٦) وابن بشران في "الأمالي" (رقم/٣٩٥) :

من طريق: إسحاق بن بشر، حدثنا مقاتل بن سليمان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود مرفوعا به.

وهذا إسناد منكر أيضا.

فقد سبق نقل طعن أهل العلم في إسحاق بن بشر، ولذلك قال الذهبي في " تلخيص المستدرك ": إسحاق ومقاتل ليسا بثقتين ولا صادقين.

الحديث الثالث:

عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(من أصبح وهمه الدنيا فليس من الله في شيء، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ومن أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منا)

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (١/٢٩) من طريق طريق يزيد بن ربيعة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي ذر به. وقال: تفرد به يزيد بن ربيعة.

وهذا إسناد منكر أيضا.

فيه يزيد بن ربيعة الرحبي: قال فيه البخاري: أحاديثه مناكير. وقال النسائي: متروك. انظر "ميزان الاعتدال" (٤/٤٢٢) ، وبه ضعفه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/٤٣٣) ، وضعفه العراقي في "تخريج الإحياء" (٢/١٨٠) .

الحديث الرابع:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(من أصبح وهمه غير الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم للمسلمين فليس منهم)

رواه ابن عدي في "الكامل" (٧/٦٧) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٧/٣٦١) من طريق وهب بن راشد، ثنا فرقد السبخي، عن أنس به.

وهذا إسناد منكر.

فيه وهب بن راشد: قال فيه الدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به بحال. "ميزان الاعتدال" (٤/٣٥٢) وقال البيهقي: إسناده ضعيف. وفيه أيضا فرقد السبخي ضعيف الحديث، كثير الخطأ.

والحاصل أن طرق الحديث جميعها ضعيفة شديدة الضعف، لا تتقوى بتعددها، فلا يجوز نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ضعف الحديث من جميع طرقه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/٣٠٩-٣١٢)

ولكن يغني عنه جميع الشواهد من الكتاب والسنة التي تدعو المؤمنين إلى التحابب والتراحم، ومراعاة الأخوة الإيمانية فيما بينهم، ومنها قوله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات/١٠، وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) رواه البخاري (٦٠١١) ومسلم (٢٥٨٦)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>