هل يقرأ المأموم الفاتحة أم يستمع لقراءة الإمام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أمر الله سبحانه وتعالى بالاستماع والتزام الصمت والقرآن يقرأ (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) كما أن النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من أن الصلاة التي لا يقرأ فيها بالفاتحة تبطل. أرجو أن تخبرني ماذا أفعل دون الوقوع في ما يتعارض مع أي من هذين الأمرين إذا كان الإمام لا يترك مجالا للمأمومين لقراءة الفاتحة؟ وما هو الصحيح في المسألة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
أولا:
سبق في جواب السؤال رقم (١٠٩٩٥) بيان أن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة في حق الإمام والمأموم والمنفرد.
ثانياً:
وأما السكتة التي يسكتها بعض الأئمة بعد قراءتهم للفاتحة، فليس سكتة طويلة يتمكن المأموم فيها من قراءة الفاتحة، وإنما هي سكتة يسيرة، يحصل بها الفصل بين قراءة الفاتحة، وقراءة السورة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"السكتة بين قراءة الفاتحة، وقراءة سورة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، على ما ذهب إليه بعض الفقهاء من أن الإمام يسكت سكوتا يتمكن به المأموم من قراءة الفاتحة، وإنما هو سكوت يسير يتراد به النفس من جهة، ويفتح الباب للمأموم من جهة أخرى، حتى يشرع في القراءة ويكمل، ولو كان الإمام يقرأ، فهي سكتة يسيرة ليست طويلة " انتهى.
"فتاوى أركان الإسلام" (ص٣٢٣-٣٢٤) .
فإذا كان الإمام لا يسكت سكتة طويلة بعد قراءة الفاتحة، فإن المأموم عليه أن يقرأ الفاتحة، ولو مع قراءة الإمام السورة، لأن هذا هو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في صلاة الفجر.
روى أبو داود (٨٢٣) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: (لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ! قُلْنَا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا) .
وقد حسنه الترمذي وصححه البيهقي والخطابي وغيرهم، وهو نص في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية.
قال الشيخ ابن باز: " فإن لم يسكت الإمام فالواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة ولو في حال قراءة الإمام في أصح قولي العلماء " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (١١/٢٢١) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"فإن قيل: إذا كان الإمام لا يسكت فمتى يقرأ المأموم الفاتحة؟
فنقول: يقرأ الفاتحة والإمام يقرأ؛ لأن الصحابة كانوا يقرؤون مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (لا تفعلوا إلا بأم القرآن؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) " انتهى.
"فتاوى أركان الإسلام" (ص٣٢٢) .
وأما قوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) فهذا عام مخصوص بغير الفاتحة، بمعنى أنه يجب الإنصات لقراءة الإمام القرآن في الصلاة إلا إذا كان المأموم يقرأ الفاتحة فقط، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا) وكان ذلك في صلاة الفجر، وهي صلاة جهرية كما هو معلوم.
فيكون المأموم مأمور بالإنصات إلا عن قراءة الفاتحة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب