للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دور العم في توجيه ونصح أولاد أخيه

[السُّؤَالُ]

ـ[لو أن أبوين لهما أولاد يذهبون إلى المدرسة الثانوية، فهل يجوز لأحدهما أن يذهب لتأدية الحج؟ إلى أي مدى يستطيع العم أن يساعد في توجيه أولاد وبنات أخيه، مثلا تذكيرهم بالصلاة، وتوجيههم في كل نواحي الحياة الممكنة لأن الآباء لا يقومون بالالتزام بواجباتهم على أكمل وجه، وثقافتهم لدرجة كبيرة ليست إسلامية؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

إذا كنتَ أنت العم: فإنه يسرنا جدّاً اهتمامك بأولاد أخيك، وحرصك على رعايتهم والعناية بهم ديناً وخلُقاً، ونرجو الله أن يتقبل منك غيرتك على الدين، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر.

ثانياً:

اعلم أن واجب المسلم أن يقدم النصيحة لمن يستطيع إيصال النصح له، وأن على المسلم أن يبدأ بالأقرب، فالأقرب، كما قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) الشعراء/ ٢١٤، والأمر له أمرٌ لأمَّته.

قال الشوكاني – رحمه الله –: " خصَّ الأقربين لأن الاهتمام بشأنهم أولى، وهدايتهم إلى الحق أقدم " انتهى. " فتح القدير " (٤ / ١٧١) .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله -: " ولما أمره بما فيه كمال نفسه: أمره بتكميل غيره، فقال: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) الذين هم أقرب الناس إليك، وأحقهم بإحسانك الديني، والدنيوي، وهذا لا ينافي أمره بإنذار جميع الناس، كما إذا أُمر الإنسان بعموم الإحسان، ثم قيل له: " أحسن إلى قرابتك "، فيكون هذا خصوصاً دالاًّ على التأكيد، وزيادة الحق، فامتثل صلى الله عليه وسلم هذا الأمر الإلهي، فدعا سائر بطون قريش، فعمَّم وخصَّص، وذكَّرهم ووعظهم، ولم يُبْق صلى الله عليه وسلم من مقدوره شيئاً، من نصحهم، وهدايتهم، إلا فَعَله، فاهتدى مَن اهتدى، وأعرض من أعرض " انتهى. " تفسير السعدي " (ص ٥٩٨) .

ثالثاً:

اعلم أنه ليس للعم ولاية مباشرة على أولاد أخيه إذا كان أبوهم حيا، ولذا فإنه لا يستطيع أمرهم كما يأمر أولاده، ولا أن يستعمل الشدة كما يستعملها مع أولاده، وهم ولا شك أولى من الأجانب أن يأخذوا من اهتمام عمهم، لكن ليسوا هم في الحقيقة مسئوليته المباشرة.

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -: " قال الله عز وجل: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) يخاطب النبيَّ عليه الصلاة والسلام، والعشيرة تنقسم إلى قسمين: قسم لك ولاية عليهم مباشِرة، كأولادك وأهلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته) ، وقسم آخر من العشيرة منفصلاً عنه، ولست مسئولاً عنه سؤالاً مباشراً، فأما الأول: فإن مسئوليتك نحوه أبلغ من الثاني، والثاني له عليك مسئولية أبلغ من الأجانب الذين ليس بينك وبينهم قرابة، والجيران أبلغ ممن ليس بجار، فعليك أن تؤدي لكل إنسان حقه، وأن تكون دعوتك بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، وأن تستعمل العنف إذا كان أنفع، واللين إذا كان أنفع، فمن المعلوم – مثلاً - أن دعوة الإنسان لأهله الذين له الولاية المباشرة عليهم ليست كدعوته للأجانب، الأولون قد تستعمل معهم الشدة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (واضربوهم عليها لعشر) لكن الآخرين لا تستعمل الشدة، استعمل الرفق واللين، وكم من كلمة لينة جذبت من كان بعيداً عن الحق، والإنسان العاقل يستعمل ما يرى أنه أصلح، فليس هناك ضابط يستوي فيه الناس كلهم " انتهى. " لقاءات الباب المفتوح " (١٢٥ / جواب السؤال رقم ١٦) .

رابعاً:

لا نرى مانعاً من ذهاب أحد الأبوين لأداء مناسك الحج، بل هو ركن من أركان الإسلام، يجب أداؤه على المستطيع منهما، إلا أن الأم بحاجة لمحرَم من الرجال يرافقها في سفرها؛ فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سفر المرأة إلا ومعها محرَم.

وعلى الأب أذا سافر للحج: أن يترك نفقة لأهله، وأن يوصيهم ويذكرهم بما فيه صلاح دينهم.

وليعلم الآباء والأمهات عظَم الأمانة التي هي بين أيديهم، فيجب عليهم تربية أولادهم على طاعة الله، وعلى البعد عن المعاصي، وليعلموا أن الله تعالى سائل كل راع عن رعيته، فمن نصح وأدى الأمانة: فقد فاز، ومن لم ينصح لهم، وضيَّع الأمانة: فقد خسر، ولا ينبغي للأهل التركيز على ذريتهم بأمور الدنيا من الطعام، واللباس، والدراسة، ويغفلون عما هو أهم من ذلك كله، وهو الدِّين، وهو الذي به سعادة المرء دنيا وأخرى.

ونسأل الله تعالى أن يتقبَّل حجَّهم، وأن يعينهم على تربية أولادهم، وأن يجزي عمَّ الأولاد خيراً على اهتمامه بأولاد أخيه، ومحبة الخير لهم، وليحذر من التعامل مع زوجة أخيه على أنها من محارمه، فهي أجنبية، لا يحل له رؤيتها،ولا الخلوة بها، وليكن منتبهاً لمكائد الشيطان ووساوسه.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>