ـ[كنت على طريق سفر ونمت في الطريق واحتلمت وكان الاحتلام قبل صلاة الظهر ولم أستطع الاستحمام مع أصحابي، وصليت الظهر والعصر والمغرب والعشاء. فلما عدت إلى الرياض قضيت جميع الصلوات فماذا علي أن أفعل في مثل هذي الأوقات؟ وإذا كنت في طلعة برية واحتلمت فيها فماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من أصابته جنابة من احتلام أو غيره، وجب عليه أن يغتسل، فإن لم يجد ماء، أو وجده وخاف على نفسه من استعماله، لشدة البرد، ولم يجد ما يسخنه به، تيمم وصلى، ولو كان سيمكث في موضعه هذا أياما؛ لقوله تعالى:(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) النساء/٤٣، ولحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:(احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السُّلاسِلِ، فَأَشْفَقْتُ إِنْ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ، فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنْ الاغْتِسَالِ، وَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا " رواه أبو داود (٣٣٤) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٣٢٣) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفي هذا الحديث جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك سواء كان لأجل برد أو غيره، وجواز صلاة المتيمم بالمتوضئين " انتهى من "فتح الباري" (١/٤٥٤) .
وأما ترك الاغتسال والصلاة مع الجنابة خجلا وحياء، فلا يجوز، وهو منكر عظيم، ونم أسباب عذاب القبر، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (٦٥٧٣١) .
والحاصل: أنك إذا كنت لم تغتسل خجلاً وحياءً من أصحابك فذلك حرام، وعليك التوبة إلى الله والندم على ذلك العزم على عدم العودة إليه.
وإن كنت لم تغتسل لكونك لم تجد ماء، أو وجدته وكان الماء بارداً وليس عندك ما تسخنه به، جاز لك ترك الاغتسال، وتتيمم بدلاً منه، فإن كنت تيممت فصلاتك صحيحة، وإن كنت صليت بغير تيمم فصلاتك غير صحيحة، وقد أعدتها بعد عودتك من السفر. ونسأل الله أن يفقهنا في دينه.