هل على تارك الصيام من غير عذر قضاء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري ٢٨ سنة ولم أصم في حياتي رمضان كاملاً، وها أنا أنوي إن شاء الله أن أصوم في هذا العام، فكيف أقضي السنوات التي فاتتني؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صوم رمضان من أركان الإسلام، ولا يحل للمكلف بصيامه أن يتركه إلا من عذر، ومن أفطر بعذر شرعي كالمرض والسفر والحيض وهو يستطيع الصيام فالواجب عليه قضاء ما أفطره، لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/١٨٥ وليس من تعمد الإفطار من غير عذر كالمعذور في هذا.
فمن أخر العبادة عن وقتها من صلاة أو صيام بلا عذر فإنها لا تصح ولا تقبل منه إن فعلها بعد خروج وقتها المحدد شرعاً.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -:
ما حكم المسلم الذي مضى عليه أشهر من رمضان يعني سنوات عديدة بدون صيام مع إقامة بقية الفرائض وهو بدون عائق عن الصوم أيلزمه القضاء إن تاب؟ .
فأجاب بقوله:
الصحيح: أن القضاء لا يلزمه إن تاب؛ لأن كل عبادة مؤقتة بوقت إذا تعمد الإنسان تأخيرها عن وقتها بدون عذر: فإن الله لا يقبلها منه، وعلى هذا فلا فائدة من قضائه، ولكن عليه أن يتوب إلى الله عز وجل ويكثر من العمل الصالح، ومن تاب تاب الله عليه.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (١٩ / السؤال رقم ٤١) .
هذا حكم من أفطر بلا عذر أي أنه لم ينو الصيام ولم يشرع فيه من الأصل.
أما من شرع في الصيام ثم أثناء النهار أفطر، فإن الواجب عليه قضاء هذا اليوم.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى -:
عن حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر؟ .
فأجاب بقوله:
الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر، ويكون به الإنسان فاسقاً، ويجب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره، يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر: فالراجح: أنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه لا يستفيد به شيئاً، إذ إنه لن يقبل منه، فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين فإنها إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "؛ ولأنه مِن تعدي حدود الله عز وجل، وتعدي حدود الله تعالى ظلم، والظالم لا يقبل منه، قال الله تعالى: (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ?للَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ?لظَّالِمُونَ) ؛ ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها - أي: فعلها قبل دخول الوقت - لم تقبل منه، فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذوراً.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (١٩ / السؤال رقم ٤٥) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب