للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

توفي بعد الحادث بسنوات فهل يلزم السائق شيء؟

[السُّؤَالُ]

ـ[عملت حادث الله يحفظكم من شر الحوادث وكان معي صديقي وكان في غيبوبة بعد شهر فاق ثم توفى صديقي يرحمه الله بعد ثلاث سنوات هل علي كفارة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله:

أولاً:

كل ما يترتب على آثار الجناية فهو مضمون من الجاني، سواء كانت على سبيل العمد أم الخطأ.

قال ابن قدامة المقدسي: " وسِرَايَةُ الْجِنَايَةِ مَضْمُونَةٌ بِلَا خِلَافٍ، لأَِنَّهَا أَثَرُ الْجِنَايَةِ، وَالْجِنَايَةُ مَضْمُونَةٌ، فكَذَلِكَ أَثَرُهَا ". انتهى " المغني " (٩/٤٤٥) .

وبناء على ذلك، لا يخلو صديقك بعد الحادث من حالين:

الأول: أن يستمر مرضه وتأثره بالحادث إلى وفاته، ففي هذه الحال يلزمك تحمل مسئولية ما حدث سواء طالت المدة أم قصرت؛ لأن وفاته وإن لم تكن وقت الحادث إلا أنها بسببه في ظاهر الأمر.

قال العيني: " وَكُلُّ مَا لَهُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ يُحَالُ عَلَيْهِ، كَمَنْ جَرَحَ إنْسَانًا فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ، يُحَالُ بِمَوْتِهِ عَلَى الْجِرَاحَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ ". انتهى " العناية شرح الهداية" (١ /١٥٦) .

وقال الكاساني: " السَّبَبُ الْمُفْضِي إلَى الشَّيْءِ يُقَامُ مَقَامَ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي أُصُولِ الشَّرْعِ ". انتهى " بدائع الصنائع " (١٦ /٣٣١) .

وجاء في " درر الحكام شرح غرر الأحكام " (٦/٣) : " وَلِأَنَّ الْجِرَاحَاتِ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَآلُهَا، لَا حَالُهَا، لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ إلَى النَّفْسِ، فَيَظْهَرُ أَنَّهُ قَتْلٌ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ الْأَمْرُ بِالْبُرْءِ ".

الثاني: أن يكون صاحبك قد استرد صحته وعافيته بعد إفاقته من الغيبوبة، وعاد لحاله الطبيعي، ثم توفى بعد ذلك.

ففي هذه الحال لا يلزمك شيء؛ لأن الظاهر أن الوفاة بسبب آخر، إلا أن يقرر الأطباء الثقات أن وفاته كانت من آثار ذلك الحادث.

ثانياً:

إذا تبين أن وفاته كانت بسبب الحادث، وكان الحادث قد نجم عن خطأ منك فيلزمك دفع الدية كاملة لأهل صديقك، مع الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين.

وأما إذا كان الخطأ مشتركا بينك وبين سائق آخر فيلزمكم التشارك في الدية (كلٌّ حسب نسبة خطئه) ويلزم كل واحد منكم الكفارة.

ثالثا:

إذا كان الحادث بغير تقصير منك، ولا إهمال: فليس عليك شيء، لا الدية ولا الكفارة.

وانظر جواب السؤال رقم (٥٢٩١٨) ورقم (٣٠٩٥٢) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>