يعيره أهله بمكثه عندهم وعدم زواجه فكيف يتعامل معهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعامل أهلي بما يرضي الله، وهم يسيئون إليَّ في بعض الأحيان بأن يعايروني بأني مازلت أسكن معهم ولم أتزوج حتى الآن، علماً بأني أساعد في مصاريف المنزل من مرتبي المتواضع - ٢٠٠ جنيه - وأنا موظف حكومة بالتربية والتعليم، وقد كنت أريد أن أدرس مجالاً آخر ولا أعمل بالحكومة إلا أنني سمعت كلامهم عن الاستقرار والمعاش وأصبحت موظفاً، لا يمكنني الزواج حاليّاً، وعمري ٣٤ عاماً، أعرف عقوق الوالدين، وأجتنبه، ولكن لي كرامة أريد أن أحافظ عليها عندما يعايروني، خاصة أمي بأني لم أرحل عنهم حتى الآن، كيف أتعامل معهما؟ أكتم غضبي كثيراً ولكن إلى متى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إن للوالدين عليك حقّاً عظيماً في البر والمصاحبة بالمعروف، وإن أساؤوا إليك، بل وإن سعوا جاهدين لأن تترك الإسلام وتلحق بقافلة الشرك – وحاشاهم من ذلك -، وهذا الحق كفله لهم الشرع المطهَّر، فقال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) الإسراء/٢٣، وقال تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) لقمان/١٥.
فاعلم هذا وأنت تظن أن إحسانك لهم وبرَّك بهم يهدم " كرامتك "، واعلم هذا وأن تقول " إلى متى أكتم غضبي؟ ".
فعليك أن تبقى على سكوتك عن الإساءة من أهلك تجاهك، ويجب عليك أن تداوم على برِّك وإحسانك لهم، ولو أساؤوا إليك وآذوك.
ثانياً:
والذي ننصحك به عمليّاً هو:
١. الصبر والاحتساب على ما أصابك من أهلك، قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) البقرة/٤٥.
٢. البر والإحسان لهم، وتفقدهم بالهدايا والرعاية، والكلام الطيب، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تهادوا تحابوا) . رواه البخاري في " الأدب المفرد " (٥٩٤) ، وحسَّنه الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " (٣ / ٧٠) والألباني في " إرواء الغليل " (١٦٠١) .
٣. نصحهم وإرشادهم للالتزام بالأحكام الشرعية والأخلاق الفاضلة، بالحكمة، والموعظة الحسنة.
قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل/١٢٥.
٤. تنويع أسلوب الدعوة، وعدم التزام طريقة واحدة، فالأشرطة السمعية، والمرئية، والكتيبات قد يكون لواحد منها أثره في تغيير سلوكهم.
٥. الاستعانة بأهل العلم وطلابه من أصحاب المكانة عندهم، بجعلهم يزورونك ويكلمونهم وينصحونهم.
٦. السعي في طلب الرزق الحلال، الذي تستعين به على أمور الزواج، فيمكنك البحث عن عمل آخر، أو السفر إلى دولة إسلامية للعمل فيها.
٧. داوم على الدعاء لهم بالهداية والتوفيق.
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن ييسر لك أمورك، وأن يهدي أهلك للبر والرشاد.
والله الموفق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب