العمل في البنوك الموجودة بالدول الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز العمل في البنوك الموجودة في الدول الإسلامية والتي تتعامل بالربا؟
زوجي يعمل في أحد البنوك التي تتعامل بالربا، وهو يعمل كمشغل برامج تتعلق بإدارة تكنولوجيا المعلومات، وعمله الأساسي هو ضمان عمل جميع أنظمة الكمبيوتر بشكل صحيح، وتشغيل البرامج الجديدة، وتقديم المساعدة لموظفي البنك.
وأنا أعلم أن الفوائد محرمة، وأنها من المعاصي الكبيرة، ولكنني سمعت أراءً كثيرة عن العمل في البنوك، منها أني سمعت بعضهم يقول: (إذا كان عملك لا يرتبط مباشرة بالفوائد، وكان للبنك مصادر للدخل أخرى (غير الفوائد) ، فعندها يجوز العمل في البنك) .
وهذا هو مصدر الدخل الوحيد الذي نعيش عليه حتى الآن. فأرجو أن تخبرني ما إذا كان دخلنا من هذه الوظيفة حراماً أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله أن يجزيك خيرا على حرصك وتحريك لمعرفة الحق، وأن يوفق زوجك للعمل المباح الذي لا إثم فيه.
اعلمي أنه لا يجوز العمل في البنوك الربوية مطلقا، لما في ذلك من أكل الربا، أو كتابته، أو الشهادة عليه، أو إعانة من يقوم بذلك.
وقد أفتى كبار أهل العلم بتحريم العمل في البنوك الربوية، ولو كان العمل فيما لا يتصل بالربا كالحراسة، والنظافة، والخدمة. ونحن ننقل إليك بعض فتاويهم مع التنبيه على أن عمل زوجك له اتصال قوي بالربا وتسجيله وتوثيقه، لأنه حسب قولك: عمله الأساسي هو ضمان عمل جميع أنظمة الكمبيوتر بشكل صحيح وتشغيل البرامج الجديدة ومساعدة موظفي البنك.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ١٥/٤١:
(لا يجوز لمسلم أن يعمل في بنك تعامله بالربا، ولو كان العمل الذي يتولاه ذلك المسلم غير ربوي؛ لتوفيره لموظفيه الذين يعملون في الربويات ما يحتاجونه ويستعينون به على أعمالهم الربوية، وقد قال تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَان) المائدة / ٢) .
وسئلت اللجنة الدائمة (١٥/٣٨) : ما حكم العمل في البنوك الحالية؟
فأجابت:
(أكثر المعاملات المصرفية الحالية يشتمل على الربا، وهو حرام بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأن من أعان آكل الربا وموكله بكتابة له، أو شهادة عليه وما أشبه ذلك؛ كان شريكا لآكله وموكله في اللعنة والطرد من رحمة الله، ففي صحيح مسلم وغيره من حديث جابر رضي الله عنه: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه " وقال: "هم سواء".
والذين يعملون في البنوك المصرفية أعوان لأرباب البنوك في إدارة أعمالها: كتابة أو تقييدا أو شهادة، أو نقلا للأوراق أو تسليما للنقود، أو تسلما لها إلى غير ذلك مما فيه "إعانة للمرابين، وبهذا يعرف أن عمل الإنسان بالمصارف الحالية حرام، فعلى المسلم أن يتجنب ذلك، وأن يبتغي الكسب من الطرق التي أحلها الله، وهي كثيرة، وليتق الله ربه، ولا يعرض نفسه للعنة الله ورسوله.
وسئلت اللجنة الدائمة (١٥/٥٥) :
(أ- هل العمل في البنوك خصوصا في الدول الإسلامية حلال أم حرام؟
ب- هل هناك أقسام معينة في البنك حلال كما يتردد الآن وكيف ذلك إذا كان صحيحا؟)
فأجابت:
(أولا: العمل في البنوك التي تتعامل بالربا حرام، سواء كانت في دولة إسلامية أو دولة كافرة؛ لما فيه من التعاون معها على الإثم والعدوان الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه بقوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/٢.
ثانيا: ليس في أقسام البنك الربوي شيء مستثنى فيما يظهر لنا من الشرع المطهر؛ لأن التعاون على الإثم والعدوان حاصل من جميع موظفي البنك) .
وسئلت اللجنة الدائمة (١٥/١٨) :
(ما حكم العمل كمهندس صيانة في إحدى شركات الأجهزة الإلكترونية والتي تتعامل مع بعض البنوك الربوية، تقوم الشركة ببيع الأجهزة (حاسب آلي، ماكينات تصوير، تليفونات) للبنك، وتكلفنا كمهندسي صيانة بالذهاب للبنك لصيانة هذه الأجهزة بصفة دورية، فهل هذا العمل حرام على أساس أن البنك يقوم بإعداد حساباته وتنظيم أعماله بهذه الأجهزة، وبذلك فنحن نعينه على المعصية؟)
فأجابت:
(لا يجوز لك العمل في الشركات على الوصف الذي ذكرت لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً (١٥/٤٨) :
(البنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز للمسلم أن يشتغل فيها، لما فيه من إعانة لها على التعامل بالمعاملات الربوية، بأي وجه من وجوه التعاون من كتابة وشهادة وحراسة وغير ذلك من وجوه التعاون، فإن التعاون معها في ذلك تعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله عنه بقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة /٢.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يجوز العمل في مؤسسة ربوية كسائق أو حارس؟
فأجاب:
(لا يجوز العمل بالمؤسسات الربوية ولو كان الإنسان سائقا أو حارسا، وذلك لأن دخوله في وظيفة عند مؤسسات ربوية يستلزم الرضى بها، لأن من ينكر الشي لا يمكن أن يعمل لمصلحته، فإذا عمل لمصلحته فإنه يكون راضيا به، والراضي بالشيء المحرم يناله من إثمه. أما من كان يباشر القيد والكتابة والإرسال والإيداع وما أشبه ذلك فهو لا شك أنه مباشر للحرام. وقد ثبت من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: هم سواء)
انتهى من كتاب " فتاوى إسلامية " (٢/٤٠١) .
إلى غير ذلك من الفتاوى المشهورة المعلومة التي تحرم العمل في البنوك الربوية، مهما كان نوع العمل، وعليه فالواجب على زوجك أن يتوب إلى الله تعالى مما سبق، وأن يترك هذا العمل مستعينا بالله متوكلا عليه موقنا أن الرزق من عنده سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق / ٢، ٣.
نسأل الله أن يغنينا بحلاله عن حرامه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب