تريد أن تقسم حسناتها بينها وبين والديها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع أن أقسم حسناتي ثلثا لي وثلثا لوالدتي وثلثا لوالدي – أي كل الحسنات المكتسبة من كل أعمال الخير التي يثاب الإنسان عليها في يومه وليله، من تسابيح واستغفار وصدقات ودعاء - من دون طبعا الصلاة والزكاة والحج والصيام -، أم أني أستطيع أن أقسم فقط حسنات الصدقات بيني وبينهم من دون سائر العبادات التي ذكرتها؟ وهل أستطيع أن أتصدق عنهم في حياتهم وبعد مماتهم؟ وهل أستطيع أن أجري لوالدي صدقات جارية من مالي الخاص ليأخذوا هم الثواب - كبناء مسجد وتوزيع مصاحف ... - وهم ما زالوا على قيد الحياة؟ وهل أستطيع أن أفعل ذلك بعد مماتهم؟ وهل أستطيع إذا اكتسبوا على سبيل المثال مالا حراما أن أسدده عنهم من مالي الخاص؟ وأخيرا، أنا في كل سجود أدعو الدعاء التالي ثلاث مرات: " رب اغفر لي ولوالدي ووالديهم وإخواني، ونجنا من عذاب القبر، وأخلدنا في الفردوس الأعلى " كما أستخدم السبحة للترديد يوميا ٢٠٠ مرة: " رب اغفر لي ولوالدي ولإخواني وللمؤمنين والمؤمنات ". هل ما أفعله هو عمل طيب ويفيد أم هو بدعة وضياع للوقت؟ وهل إن كان ما أفعله جيدا ومفيدا، فهل فعلا ممكن بدعائي هذا المتواصل المتكرر أن يغفر الله لي ولوالدي ووالديهم ولإخواني كل ذنوبنا، وينجينا من عذاب القبر، ويخلدنا في الفردوس الأعلى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نشكر لك حرصك على بر والديك وعلى إيصال الخير لهما، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك الأجر والتوفيق، وأن يجمعك بوالديك وجميع المسلمين في الجنة.
لا خلاف بين أهل العلم جميعا على وصول ثواب الصدقة للأموات إذا أهدى المتصدق الثواب إليهم، وخاصة الوالدين، كذلك لا خلاف في أن الدعاء للأحياء والأموات يجلب لهم الخير والرحمة إذا تقبله الله عز وجل، وقد شهدت بذلك مجموعة من الأحاديث الواردة في السنة الصحيحة، والتي سبق بيانها بالشرح والتفصيل في مجموعة من أجوبة الموقع، يمكنك مراجعة بعضها في الأرقام الآتية: (١٢٦٥٢) ، (٤٢٣٨٤) ، (١٠٢٣٢٢) .
ثانيا:
يجوز للمتصدق أن ينوي تقسيم أجر صدقته بينه وبين والديه أثلاثا أحياءاً كانوا أم أمواتاً، "لأن الثواب ملك للمتصدق، فله أن يهديه جميعه وله أن يهدي بعضه، يوضحه أنه لو أهداه إلى أربعة مثلا يحصل لكل منهم ربعه، فإذا أهدى الربع وأبقى لنفسه الباقي جاز، كما لو أهداه إلى غيره" نقلا عن "الروح" لابن القيم (ص/١٩٠) ، يذكره في معرض المناقشة.
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم (٢٠٩٩٦) عن الشيخ ابن باز رحمه الله جواز الصدقة عن الحي والميت.
على أننا نرشدك إلى الأفضل وهو أن تعملي الأعمال الصالحة لنفسك، ويكون ثوابها كلها لك، وتكثري من الدعاء لوالديك فهذا هو الأفضل والأكمل. وانظري جواب السؤال رقم (٤٢٠٨٨) .
ثالثا:
أما سائر العبادات المندوبة كالصوم والحج والعمرة وقراءة القرآن والأذكار والإحسان إلى الناس ونحوها من أعمال البر، فقد اختلف العلماء في وصول ثوابها إلى الأموات.
قال ابن القيم في كتاب "الروح" (ص/١٧٠) :
" فمذهب الإمام أحمد وجمهور السلف وصولها، وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة.
نص على هذا الإمام أحمد - في رواية محمد بن يحيى الكحال - قال: قيل لأبي عبد الله: الرجل يعمل الشيء من الخير من صلاة أو صدقة أو غير ذلك، فيجعل نصفه لأبيه أو لأمه؟ قال: أرجو. أو قال: الميت يصل إليه كل شيء من صدقة أو غيرها.
وقال أيضا: اقرأ آية الكرسي ثلاث مرات، وقل هو الله أحد، وقل: اللهم إنَّ فضلَه لأهل المقابر.
والمشهور من مذهب الشافعي ومالك أن ذلك لا يصل " انتهى.
وقد سبق في الموقع ترجيح القول الثاني، أنه لا يصل إلى الميت ثواب شيء من الأعمال إلا ما دلت النصوص على وصوله، كالصدقة والدعاء والحج والعمرة، لقول الله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) النجم/٣٩.
وراجعي جواب السؤال رقم (٤٦٦٩٨) .
رابعاًَ:
أما تسديد المال الحرام عنهم، فالمال الحرام كالمسروق والمغصوب والذي خُدع صاحبه ونحو ذلك يتعلق به حقان: الأول: حق الله تعالى في ارتكاب ما حرم.
الثاني: حق صاحب المال في أخذ ماله بغير حق.
وتسديد المال لصاحبه نرجو أن يسقط حق صاحب المال، ولكن يبقى حق الله تعالى، فلا يسقط إلى بالتوبة، أو بعفو الله تعالى عن المسيء.
خامساً:
أما الدعاء الذي ذكرته، فلا حرج فيه، لكن لا تلتزمي فيه عددا معينا، واجتهدي في الدعاء قدر استطاعتك، من غير تقييد بعدد معين ولا اعتقاد فضل معين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب