للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إمام يضيع صلاة الفجر ومتهم في قضايا مالية

[السُّؤَالُ]

ـ[إمام مسجدنا يتصرف بشكل سيء وأريد أن أعرف الحكم في هذا الأمر. يقوم هذا الرجل بمعارضة خطة تدريس جديدة التي من شأنها أن ترتقي بالمسجد. ويقال ـ أيضا ـ: إنه يمارس السحر. علاوة على ذلك , فهو يضيّع صلاة الفجر كثيراً كثيرا , ويقوم باستخدام الهاتف خلال الحصص الدراسية. وأيضا هذا الإمام تم طرده من ثلاثة مساجد أخرى لسلوكه السيئ ولقضايا مالية. فما حكمه وحكم الصلاة خلفه؟ وهل يجب طرده؟ وهل تأثم لجنة المسجد إذا أبقته؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ينبغي أن يختار للإمامة من عرف بالصلاح والاستقامة والحرص على نفع الناس؛ لأن الإمامة منصب شريف، والعامل فيها قائم مقام الأنبياء والخلفاء والعلماء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا) رواه مسلم (٦٧٣) .

فاختار صلى الله عليه وسلم للإمامة الأفضل والأكمل.

والإمام إن كان على ما ذكرت من التقصير والتهمة فينبغي أن لا يولى الإمامة ابتداء، وأن يعزل منها بعد توليها إن لم يترتب على عزله مفسدة أكبر.

وقد روى أبو داود (٤٨١) أَنَّ رَجُلا أَمَّ قَوْمًا فَبَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ: (لا يُصَلِّي لَكُمْ، فَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ لَهُمْ فَمَنَعُوهُ، وَأَخْبَرُوهُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: نَعَمْ، وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّكَ آذَيْتَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق، لكن اختلفوا في صحتها، فقيل: لا تصح، كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما، وقيل: بل تصح، كقول أبى حنيفة والشافعي، والرواية الأخرى عنهما، ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته " انتهى من "مجموع الفتاوى" (٢٣/٣٥٨) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " فإذا أمكن للإنسان أن لا يقدم مظهراً للمنكر في الإمامة وجب عليه ذلك. لكن إذا ولاه غيره، ولم يُمكنه صرفه عن الإمامة، أو كان لا يتمكن من صرفه عن الإمامة إلا بشر أعظم ضرراً من ضرر ما أظهر من المنكر: فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بحصول أعظمهما، فإن الشرائع جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (٩/٣٧٧) .

وأما الصلاة خلفه فصحيحة ولو كان فاسقا، على الراجح من قولي العلماء، وينظر جواب السؤال رقم (١٣٤٦٥) .

أما إذا ثبت ما يقال عنه: إنه يعمل السحر: فهذا لا يجوز أن يُجعل إماما، ولا أن يُصلَّى خلفه.

والخلاصة: أنه ينبغي بذل النصح لمثل هذا الرجل، أولا، وتذكيره بأنه قدوة لغيره، وأنه يقبح منه ما لا يقبح من غيره، وأن عليه البعد عن مواطن التهم، والاجتهاد في أداء عمله، والقيام بالأمانة التي أنيطت به.

ثم على اللجنة القائمة على أمر المسجد أن تعزله عن الإمامة، ما دام ذلك في إمكانها، وأن تولي من هو أصلح لذلك المنصب منه، وأبعد عن مواطن التهم، وأدعى إلى ائتلاف القلوب.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>