ـ[سمعت بعض الناس يقول: يجوز بيع وخياطة الفساتين النسائية التي لا تستر المرأة - أي الفساتين القصيرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ثوب حرير أحمر، فلما لبسه عمر ورآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:" إني أعطيته لك لتهديه، وليس لتلبسه " فأهداه عمر لأحد أصحابه في الجاهلية. فهل كلامه صحيح؟
وإذا كان صحيحاً فهل يمكن القياس على ذلك بجواز بيع السجائر والتبغ والبناطيل النسائية والمايوهات الرجالية والنسائية الخليع؟ مع أن الله يقول:{وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} فأرجوا الإفادة والله يحفظكم ويرعاكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث رواه البخاري (٢١٠٤) ومسلم (٢٠٦٨) وغيرهما في عدة مواضع من عدة طرق، منها رواية البخاري له تحت باب التجارة فيما يُكره لبسه للرجال والنساء، من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، قال: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عن بحلة حرير أو سيراء، فرآها عليه فقال:" إني لم أرسل بها إليك لتلبسها، إنما يلبسها من لا خلاق له، إنما بعثت إليك لتستمتع بها يعني تبيعها ".
وهذا الحديث يدل على جواز الاتجار في الملابس التي يجوز استعمالها على وجه دون وجه، وجواز هبتها والتبرع بها، وعلى من اشتراها أو أُعطيت له تبرعاً أن يستعمله على الوجه المباح دون الممنوع، ومثل ذلك: الحلي من الذهب والسلاح والسكاكين والعنب ونحو ذلك مما يمكن أن يُستعمل في مباح أو محرم، فيجوز الاتجار فيه والتبرع به وهبته.
وعلى من اشتراه أو وُهب له مثلاً أن يستعمله على الوجه المباح من بيعٍ وهبة ونحو ذلك، دون أن ينتفع به على الوجه الممنوع.
أما إذا كان الشيء محرماً استعماله من كل وجه وعلى كل حال فلا يجوز الاتجار فيه ولا هبته، كالخنزير والأسد والذئب، وليس في الحديث دلالة على جواز بيع ما ذُكر، فلا يصح قياس بيع السجاير والتبغ والمايوهات الرجالية والنسائية الخليعة على الاتجار فيما يجوز استعماله على وجه دون وجه، وحال دون حال؛ لأنها محرم استعمالها على كل حال.