للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التزام ابن أخيه بحفظ القرآن أثَّر سلباً على تحصيله الدراسي فكيف يصنع أهله؟

[السُّؤَالُ]

ـ[ي يختص بحفظ القرآن، حيث يبلغ ابن أخي من العمر ١٢ عاماً , وبدأ في الحفظ منذ حوالي ٤ أشهر، وهو يذهب للمدرسة، ثم يذهب للمسجد لمدة ساعتين ونصف من يوم الاثنين إلى الجمعة، والمشكلة التي نواجهها الآن أن مستواه بدأ يتأثر في المدرسة نتيجة لمقدار العمل، والضغط الذي يتعرض له , وهو يحاول أن يقوم بأداء الفروض المدرسية، وحفظ القرآن , وقد تدنت درجاته , وهو الآن تحت المستوى المطلوب الأمر الذي يقلقنا؛ لأن أمامه اختبارات هامة في السنة المقبلة ستؤثر على تحديد الكلية التي سيلتحق بها، فماذا نفعل في هذا الموقف؟ وقد قيل لنا إنه من الخطأ أن نقوم بإيقاف حفظه للقرآن، وعلى الجانب الآخر فإن تعليمه هام بالنسبة له حتى يحصل على درجات عالية ويلتحق بجامعة جيدة , ونحن نريد أن نتخذ أفضل القرارات، لكننا في حيرة من أمرنا، فهل بوسعكم - رجاء - تقديم النصح في هذا الشأن، وتوضيح حكم الإسلام في هذه المواقف؟ . وشكراً، ونتطلع لتلقى رد منكم، والله الحافظ.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

تربية الأبناء منذ صغرهم على الدِّين، وتحفيظهم كتاب الله، وتعليمهم سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم: من الواجبات التي افترضها الله على الوالدين، وهو من محاسن أفعال الأهل مع أولادهم، ومما ينتفعون بها دنيا، وأخرى، إن شاء الله.

فنشكر أبوي هذا الطفل، ومن يشجعه على حفظ كتاب الله، وتعلمه، ونسأل الله أن يكتب لهم الأجر يوم القيامة، فما أعظم أن يلقى الإنسان ربَّه وفي صحيفته أعمال خير دلَّ عليها، أو ساهم في وجودها.

ومما لا شك فيه: أن مقياس التفاضل عند الله هو بما يكتسبه المسلم من تقوى، وإيمان، وأعمال صالحة، وقد اختصَّ الله تعالى حافظ القرآن بخصائص عظيمة، وميزات رفيعة، في الدنيا، والآخرة، وللوقوف على بعضٍ من تلك الميزات: يُنظر جواب السؤال رقم: (١٤٠٣) .

ثانياً:

المطلوب من المسلم أن يوازن بين أمر الدنيا، وأمر الآخرة، قال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) القصص/٧٧.

قال الحسن وقتادة: معناه: لا تضيع حظك من دنياك في تمتعك بالحلال، وطلبك إياه، ونظرك لعاقبة دنياك.

انظر "تفسير القرطبي" (١٣/٣١٤) .

وقال ابن كثير رحمه الله:

(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ) أي: استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل، والنعمة الطائلة، في طاعة ربك، والتقرب إليه بأنواع القرُبات، التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة.

(وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) أي: مما أباح الله فيها من المآكل، والمشارب، والملابس، والمساكن، والمناكح، فإن لربك عليك حقّاً، ولنفسك عليك حقّاً، ولأهلك عليك حقّاً، ولزَوْرك عليك حقّاً، فآتِ كل ذي حقٍّ حقَّه.

"تفسير ابن كثير" (٦/٢٥٣، ٢٥٤) .

فالمسلم يعمل لدنياه، كما يعمل لآخرته , وإن كان العمل للآخرة مقدَّماً عند التعارض؛ لأن الحياة الأبدية، والخلود، ليس في الدنيا، بل في الآخرة، إما في جنة، وإما في نار.

ثالثاً:

جَمْعُ المسلمِ بين حفظ كتاب الله، وبين مراجعة الدروس المدرسية: أمرٌ ليس صعب المنال، ولكن يحتاج إلى ترتيب الوقت، وتنظيمه؛ فيجعل وقتاً للحفظ، ومراجعة القرآن , ووقتاً لمراجعة الدروس المدرسية , ووقتاً للراحة , ووقتاً للترويح عن النفس، ويكون ذلك بعمل جدول للوقت، وتنظيمٍ لساعات يومه، مع مراعاة عدم الضغط، وعدم التشديد عليه.

كما ينبغي مراعاة مستوى الحفظ، والذكاء، لدى الطفل، والشاب، فلا يُحمَّل أحدٌ فوق طاقته، وأكثر من وُسعه؛ ولعل هذا يكون السبب في تقصير ذلك الشاب في جانب، دون الآخر؛ فإذا كان في مقدوره حفظ صفحة من القرآن يوميّاً: فلا يحمَّل حفظ وجهين، وهكذا؛ حتى يتسنَّى له وقت للواجبات المدرسية , وكذلك الأمر بالنسبة للواجبات المدرسة، فتحميله فوق طاقته يعرِّضه للضغط، والتشويش.

والذي نراه أن هذا الطالب يقلل القدر الذي يحفظه من القرآن الكريم يومياً، ويقلل المدة التي يبقاها في المسجد بسبب ذلك، حتى يحصل الجمع بين حفظ القرآن الكريم ومراجعته، وبين مذاكرة الدروس المدرسية.

ولا يمكننا نصحكم بإلغاء حفظ القرآن الكريم من أجل الدروس المدرسية.

فالنصيحة لوالدي الطفل:

أن يَعملوا على تنظيم وقت هذا الغلام الشاب؛ وعليهم الجمع، والموازنة، بين حفظ القرآن وتحسين أدائه المدرسي، من غير إخلال بواحدٍ منهما.

والله هو الموفق، والمعين , ومنه يستمد الحول، والقوة.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>