للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل المسلم الذي لا ينفذ تعاليم الإسلام أسوأ من الملحد؟!

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز أن يكون المسلم "غير ممارس تعاليم الدين"؟

أطرح سؤالي هذا لأن لي صديقة تزوجت من مسلم "لا يمارس تعاليم الدين". ومع أنه يشرب الخمر والمشروبات الروحية، وتزوج بكافرة، لكنه لا يأكل لحم الخنزير. انطباعي هو أن النصراني "غير الممارس لدينه" يعتبر مرتدا أو أسوأ من الملحد.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يجب على المسلم أن يتمسك بتعاليم دينه، فيفعل الواجبات، من الصلاة والصيام وبر الوالدين وصلة الأرحام، وصدق الحديث وغير ذلك مما أوجبه الله تعالى عليه.

وعليه أن يترك المحرمات، من الزنا والربا وشرب الخمر وعقوق الوالدين، والكذب، والخيانة، وأكل أموال الناس بالباطل، وغير ذلك من المحرمات.

هذا هو الواجب على كل مسلم، ومن امتثل لذلك كان قريبا محبوبا من الله تعالى، موعودا بدخول جنته، ونيل كرامته.

وأما من ترك الواجبات أو اقترف المحرمات، فهذا على قسمين:

الأول: أن تصل به معصيته إلى حد الكفر والشرك بالله، كالاستهزاء بالدين أو سب الله أو سب رسوله أو جحد شيء من أمور الدين المعلومة، أو استحلال شيء مما حرم الله، كأن يستحل الخمر أو الزنا أو أكل لحم الخنزير، فمن فعل ذلك كان مرتداً عن الإسلام، لكن إن كان ذلك عن جهل وغفلة فإنه يُعلّم وينصح ويذكّر، ليتوب إلى الله تعالى، فإن أصر على ذلك بعد تعليمه، كان مرتدا خارجا عن الإسلام.

الثاني: أن يرتكب بعض الذنوب التي لا تعد كفرا وشركا، كالزنا وشرب الخمر من غير استحلال لها، فهذا إن تاب تاب الله عليه وبدّل سيئاته حسنات، وإن استمر في عصيانه فإن الله تعالى توعده بعذاب أليم يوم القيامة، وبعقوبات في الدنيا، كالفقر والمرض والذل والهزيمة، مع إقامة الحد عليه، عند ارتكابه بعض الجرائم كشرب الخمر والزنى، إذا ثبتت عليه الجريمة، بشروط لا مجال لذكرها هنا.

والواجب على المسلمين تجاه أصحاب المعاصي هو نصحهم ودعوتهم للتوبة، وتذكيرهم بخطر المعصية وسوء عاقبتها، مع بغضهم وكراهيتهم لأجل معاصيهم.

فالمطيع والعاصي لا يستويان عند الله تعالى، ولا عند عباده المؤمنين، كما قال سبحانه: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ص/٢٨.

ولكن لما كان العاصي يجمع بين الخير والشر، والطاعة والمعصية - ورأسُ الخير إيمانُه بالله تعالى - كان من عدل الشريعة ورحمتها أن لا تُهدر حسناته، ولا تضيع طاعاته، ولا يُسوى بينه وبين من كفر بالله وألحد وتمرد.

وأما زواج المسلم بالكافرة، فإنه محرم، إلا أن تكون الكافرة يهودية أو نصرانية، فإن الله أباح الزواج منها، لما في ذلك من احتمال هدايتها وإسلامها، واتفاقها مع المسلم في مبدأ الإيمان بالله وبالنبوة والرسالة واليوم الآخر، فزواجها من المسلم، يدعوها إلى البحث عن الحق، ويرغبها في ترك ما هي عليه من الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وبرسالته.

وخلاصة الجواب:

أن المسلم الذي خرج عن دينه بالكلية مساوٍ للملحد، أو أسوأ منه.

أما المسلم الذي معه أصل التوحيد والإسلام، ولكنه يفعل كبائر الذنوب، وقبائح الأعمال فإنه خير بلا شك من الكافر الملحد ـ مع ما فيه من تقصير ونقص ـ وذلك لأن حسنة التوحيد هي أعظم الحسنات على الإطلاق، وقد أتى بها، وما يعمله من الذنوب والمعاصي فهو متوعد عليها بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة إن لم يتداركه الله تعالى برحمته ويعفو عنه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>