للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المقيم على المعصية وارتكاب الكبائر هل له أن يسأل الله أمرا دنيويا

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز للمسلم أن يسأل الله أمرا دنيويا وهو يعصي الله ويرتكب الكبائر؟ علما أنه يعزم على التوبة ولكن يخاف أن تكون توبته لأجل هذا الغرض الدنيوي.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الواجب على من يعصي الله تعالى ويرتكب الكبائر، أن يبادر بالتوبة، وأن يحذر التسويف والتأجيل، فلربما فاجأه الأجل، ونزلت به مصيبة الموت، وأُغلق في وجهه باب التوبة، فيبوء بالخسران، كما قال سبحانه وتعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) النساء/١٨.

وما الذي يحول بينه وبين التوبة؟ ولمَ الإصرار والتمادي والتردد والترقب؟ ورب العالمين يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويفرح بتوبة عبده، ويقبلها منه، ويثيبه عليها.

فهل يليق بالعبد المذنب أن يعرض ويتمادى، وربه يبسط يده؟

وهل يليق بالعبد المذنب أن يقول يارب يارب، يسأل لعاعة من الدنيا، ولسانه حاله يقول: لكني مصر على معصيتك يا رب! فوالله لو استحينا من الله، وعرفنا عظمة الله، لما فعلنا ذلك.

وأما الخوف من أن تكون التوبة لأجل الأمر الدنيوي، فهذا قد يكون من وسواس الشيطان، ليستمر العبد في المعصية، ويؤخر التوبة.

فالواجب هو التوبة، وإخلاصها لله تعالى، رجاء عفوه ومغفرته، ثم يسأل العبد ربه ما أحب من خيري الدنيا والآخرة.

ومع ذلك نقول: لو استمر العبد في معصيته، فلا يحرم عليه أن يسأل ربه، ولو كان السؤال في أمر من أمور الدنيا، وقد يعطيه الله تعالى سؤله، فهو الكريم الجواد، ولطالما أحسن إلى عبده مع تقصيره وتفريطه، ولكن هذا السلوك لا يليق بالمؤمن المحب لله، المعظّم له، المدرك لخطر الذنوب والتمادي فيها. فإن المعاصي قد تكون سبباً للحرمان، وعدم إجابة الدعاء.

ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ثم قال: فَأَنَّى يُسْتَجَابُ له) رواه مسلم (١٠١٥) .

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين أجمعين.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>