ما هي أفضل مجالات العمل الدنيوي في الوظائف والتجارات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أفضل مجالات العمل الدنيوي في الوظائف والتجارات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الإمام ابن تيمية السؤال التالي:
يتفضل الشيخ الإمام , بقية السلف , وقدوة الخلف , أعلم من لقيت ببلاد المشرق والمغرب , تقي الدين أبو العباس أحمد ابن تيمية بأن يبين لي أرجح المكاسب.
فأجاب رحمه الله تعالى:
أما أرجح المكاسب: فالتوكل على الله , والثقة بكفايته , وحسن الظن به.وذلك أنه ينبغي للمهتم بأمر الرزق أن يلجأ فيه إلى الله ويدعوه , كما قال سبحانه فيما يأثر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم: (كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم) . وفيما رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله إذا انقطع , فإنه إن لم ييسره لم يتيسر) إنما صح نحوه من قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. - انظر: السلسلة الضعيفة رقم ١٣٦٢ -.
وقد قال الله تعالى في كتابه: (واسألوا الله من فضله) وقال سبحانه: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) وهذا وإن كان في الجمعة فمعناه قائم في جميع الصلوات.
ولهذا والله أعلم أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي يدخل المسجد أن يقول: (اللهم افتح لي أبواب رحمتك) وإذا خرج أن يقول: (اللهم إني أسألك من فضلك) وقد قال الخليل صلى الله عليه وسلم: (فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له) وهذا أمر , والأمر يقتضي الإيجاب. الاستعانة بالله واللجوء إليه في أمر الرزق وغيره أصل عظيم.
ثم ينبغي له أن يأخذ المال بسخاوة نفس ليبارك له فيه , ولا يأخذه بإشراف وهلع , بل يكون المال عنده بمنزلة الخلاء الذي يحتاج إليه من غير أن يكون له في القلب مكانة , والسعي فيه إذا سعى كإصلاح الخلاء. وفي الحديث المرفوع. رواه الترمذي وغيره (من أصبح والدنيا همه شتت الله عليه شمله , وفرق عليه ضيعته , ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له , ومن أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله عليه شمله , وجعل غناه في قلبه , وأتته الدنيا وهي راغمة) . وقال بعض السلف: أنت محتاج إلى الدنيا وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج , فإن بدأت بنصيبك من الآخرة مر على نصيبك من الدنيا فانتظمه انتظاماً. قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون. إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) .
فأما تعيين مكسب على مكسب من صناعة أو تجارة أو بناية أو حراثة أو غير ذلك , فهذا مختلف باختلاف الناس , ولا أعلم في ذلك شيئاً عاماً , لكن إذا عنَّ للإنسان جهة فليستخر الله تعالى فيها الاستخارة المتلقاة عن معلم الخير صلى الله عليه وسلم , فإن فيها من البركة ما لا يحاط به. ثم ما تيسر له فلا يتكلف غيره إلا أن يكون منه كراهة شرعية.
[الْمَصْدَرُ]
نقلاً عن رسالة (الوصية الجامعة لخير الدنيا والآخرة) تصنيف شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - طبعة المكتبة السلفية بالقاهرة.