للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رفعت عليه السكين وهددته ليطلقها فهل يقع الطلاق

[السُّؤَالُ]

ـ[في إحدى خلافاتي مع زوجتي قامت برفع السكين عليَّ وهددتني لأطلقها فقلت لها أنت طالق لأنهي الموقف ولم يكن في نيتي الطلاق فهل يقع هذا الطلاق؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا خشيت أن تُنَفِّذ زوجتك تهديدها فتصيبك بالسكين التي معها، فأنت مكره، ولا يقع طلاقك.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " أفتى الصحابة بعدم وقوع طلاق المكره وإقراره، فصح عن عمر أن رجلاً تدلى بحبل ليشتار عسلاً [أي ليأخذ عسلا من الجبل] فأتت امرأته فقالت: لأقطعن الحبل أو لتطلقني، فناشدها الله فأبت فطلقها، فأتى عمر فذكر له ذلك فقال له ارجع إلى امرأتك فإن هذا ليس بطلاق. وحكي عدم الوقوع عن علي وابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم " انتهى من "زاد المعاد" (٥/٢٠٨) .

وقال رحمه الله تعالى: " وقال [أي الإمام أحمد] في رواية أبي الحارث: إذا طلق المكره، لم يلزمه الطلاق فإذا فُعل به كما فُعل بثابت بن الأحنف فهو مكره، لأن ثابتاً عصروا رجله حتى طلق فأتى ابن عمر وابن الزبير فلم يريا ذلك شيئاً، وكذا قال الله تعالى: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ) النحل/١٠٦. وبهذه الآية استدل الإمام الشافعي رحمه الله على أن طلاق المكره لا يقع.

وفي سنن ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) " انتهى من "إعلام الموقعين" (٤/٥١) بتصرف.

وفي الاختيارات لشيخ الإسلام: " ولا يقع طلاق المكره. والإكراه يحصل إما بالتهديد أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد. وقال في موضع آخر: كونه يغلب على ظنه تحقق تهديده ليس بجيد، بل الصواب أنه لو استوى الطرفان لكان إكراها " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (٥/٥٦٨) .

وأما إن كنت تعلم أن زوجتك لن تقدم على إيذائك، أو كان يمكنك التخلص من تهديدها من غير ضرر، فلست مكرها حينئذ، ويقع طلاقك.

وما ذكرناه هنا هو بيان لحكم المسألة وضابطها، وأما الحكم في قضيتك، فلابد فيه من الوقوف على تفاصيل الواقعة وملابساتها، ولهذا نقول: عليكما أن ترجعا إلى القضاء أو إلى أحد العلماء الموثوقين في بلدكم، ليسمع منكما، ويتحقق من وجود الإكراه المعتبر أو عدمه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>