للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلى صلوات بغير طهارة صحيحة فكيف يقضيها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[كنت مصاباً بمرض احتقان البروستاتا، وكان يسبب لي نزول قطرات من البول بعد التبول حتى بعد التطهر، فكنت أتوضأ وبعد الوضوء لا يزال البول يخرج وينجس ملابسي وأذهب أصلي مع الجماعة، الآن أنا شفيت من هذا المرض لكن قرأت في الفتاوى أن لا يصلي حتى يتأكد من طهارة الثوب وإن فاتته الجماعة، وأيضا: الوضوء لكل صلاة لمن لديه السلس ... وأنا الآن أصلي مع كل فرض صلاة إعادة حتى أتم إن شاء الله ما كنت أصليه على نجاسة، فهل عملي صحيح؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

نزول قطرات البول يكون على حالتين:

الأولى: أن يكون ذلك مستمرا، بحيث لا ينقطع وقتا يتسع للوضوء والصلاة، فهذا يسمى سلس البول، ويلزم صاحبه أن يتطهر ويتحفظ بشيء يمنع انتشار البول، ويتوضأ بعد دخول وقت الصلاة، ثم يصلي مع الجماعة كسائر الناس، إلا إذا خاف تلويث المسجد، فإنه لا يحل له دخوله، ويصلي في بيته جماعةً إن تيسر له، أو منفرداً.

الثانية: أن يكون الخارج ينقطع عنه زمنا يتسع لوضوئه وصلاته، كمن علم أنه بعد قضاء حاجته بنحو ساعة – مثلاً - يتوقف عنه خروج البول، فهذا يلزمه أن يؤخر الصلاة إلى وقت انقطاع البول، ولو أدى ذلك إلى تركه الصلاة مع الجماعة. وينبغي حينئذ أن يصلي مع أهله إن تيسر له ذلك ليدرك فضل الجماعة.

ثانيا:

إذا كنت قد صليت صلوات بغير الطهارة المعتبرة، على النحو المذكور في الحالتين السابقتين، وكان ذلك جهلا منك بالواجب حينئذ، فيرى بعض أهل العلم أنه لا يلزمك القضاء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وعلى هذا لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص، مثل: أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء، أو يصلي في أعطان الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص: فهل عليه إعادة ما مضى؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد.

ونظيره: أن يمس ذَكَره ويصلى، ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر.

والصحيح في جميع هذه المسائل: عدم وجوب الإعادة؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان، ولأنه قال: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ، فمن لم يبلغه أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شيءٍ معيَّنٍ: لم يثبت حكم وجوبه عليه، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمَّاراً لما أجْنبا فلم يُصَلِّ عمر وصلَّى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياماً لا يصلي، وكذلك لم يأمر مَن أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر مَن صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء.

ومن هذا الباب: المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففي وجوب القضاء عليها قولان، أحدهما: لا إعادة عليها - كما نقل عن مالك وغيره –؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (إني حضت حيضةً شديدةً كبيرةً منكرةً منعتني الصلاة والصيام) أمرها بما يجب في المستقبل، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي " انتهى من "مجموع الفتاوى" (٢١/١٠١) .

وبناء على هذا القول فلا يلزمك القضاء، وعليك أن تكثر من صلاة النافلة فإنها تكمل النقص الحاصل في الفريضة.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>