للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تأخير صلاة الفجر قرب شروق الشمس

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم تأخير إقامة صلاة الفجر حتى قرب الشروق وليس في وقتها؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الصلوات الخمس لها وقت محدد: أوله وآخره، يجب أداء الصلاة فيه، قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) النساء/١٠٣.

" أي مفروضاً في وقته.

فدل ذلك على فرضيتها وأن لها وقتاً لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي) " انتهى من تفسير السعدي (ص ٢٠٤) .

وتأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر من الكبائر، وقد توعد الله تعالى عليه بقوله: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) الماعون/٤، ٥.

قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: الذين يؤخرونها عن أوقاتها. انظر تفسير القرطبي (٢٠/٢١١) .

ثانياً:

وقد سبق في جواب السؤال (٩٩٤٠) بيان أوقات الصلوات الخمس.

ووقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَوَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ) . رواه مسلم (٦١٢) .

فإذا صلاها في هذا الوقت فقد صلاها في وقتها، وعلى هذا، فما جاء في السؤال من أن الصلاة قرب الشروق لا تكون في وقتها ليس صحيحاً، بل وقت صلاة الصبح ممتد إلى شروق الشمس.

ثانياً:

قد يكون السائل أراد الإشارة إلى بعض الناس الذين يؤخرون صلاة الفجر حتى يتيقنوا أو يغلب على ظنهم دخول وقتها، وذلك نظراً لما قيل من خطأ التقاويم الموجودة الآن في تحديد وقت صلاة الفجر.

غير أن هذا الخطأ لا يصل إلى هذا الحد، بل قدره بعض العلماء بـ (٢٠) إلى (٣٠) دقيقة.

راجع السؤال (٢٦٧٦٣) .

ثالثاً:

كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصلي الفجر قبل ظهور ضوء النهار، وقد دل على ذلك عدة أحاديث.

١- روى البخاري (٥٦٠) ومسلم (٦٤٦) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِغَلَسٍ.

٢- وروى البخاري (٨٧٢) ومسلم (٦٤٥) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ لا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ أَوْ لا يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا.

" الغَلَس: ظلمة آخر الليل، كما في القاموس، وهو أول الفجر " انتهى من "سبل السلام".

وقال النووي:

" قَوْله: (مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَس) هُوَ بَقَايَا ظَلام اللَّيْل. قَالَ الدَّاوُدِيّ: مَعْنَاهُ مَا يُعْرَفْنَ أَنِسَاء هُنَّ أَمْ رِجَال " انتهى من شرح مسلم للنووي.

٣- وروى ابن ماجه (٦٧١) عن مُغِيث بْن سُمَيٍّ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الصَّلاةُ! قَالَ: هَذِهِ صَلاتُنَا كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ.

صححه الألباني في صحيح ابن ماجه.

فهذه الأحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح في أول وقتها.

وقال ابن قدامة في "المغني" (١/٥٤٠) :

" وَأَمَّا صَلاةُ الصُّبْحِ فَالتَّغْلِيسُ بِهَا أَفْضَلُ , وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ " انتهى.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>