للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل صحت أحاديث في فضل طلب العلم في المدينة النبوية؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل توجد أي أحاديث شريفة في فضل طلب العلم في المدينة المنورة؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أوجب الشرع على المسلم تعلم العلم الشرعي.

عن أنس بْنِ مَالِكٍ قَالَ:عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنه قالَ: (طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمٍ) . رواه ابن ماجه (٢٢٤) .

وحسَّنه بكثرة طرقه وشواهده: المزي والزركشي والسيوطي والسخاوي والذهبي والمناوي والزرقاني، وهو في " صحيح ابن ماجه " للألباني.

ومن ضعَّف هذا الحديث، كالإمام أحمد وغيره من الأئمة المتقدمين [انظر: المنتخب من العلل للخلال ص (١٢٨-١٢٩) ، وحاشية المحقق] ؛ فإن معناه مستقيم عندهم، وإن كان إسناده لا يثبت.

قال الإمام إسحاق بن راهويه، رحمه الله: " طلب العلم واجب، ولم يصح فيه الخبر؛ إلا أن معناه: أن يلزمه طلب علم ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته وزكاته إن كان له مال، وكذلك الحج وغيره، قال: وما وجب عليه من ذلك لم يستأذن أبويه في الخروج إليه وما كان منه فضيلة لم يخرج إلى طلبه حتى يستأذن أبويه "

قال ابن عبد البر رحمه الله: " يريد إسحاق، والله أعلم، أن الحديث في وجوب طلب العلم في أسانيده مقال لأهل العلم بالنقل، ولكن معناه صحيح عندهم، وإن كانوا قد اختلفوا فيه اختلافا متقاربا على ما نذكره ها هنا إن شاء الله "

جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر (١/٥٢-٥٣ـ ط الزهيري) ، وانظر المنتخب من العلل، حاشية المحقق.

قال علماء اللجنة الدائمة:

العلم الشرعي على قسمين: منه ما هو فرض على كل مسلم ومسلمة، وهو معرفة ما يصحح به الإنسان عقيدته وعبادته، وما لا يسعه جهله، كمعرفة التوحيد، وضده الشرك، ومعرفة أصول الإيمان وأركان الإسلام، ومعرفة أحكام الصلاة، وكيفية الوضوء، والطهارة من الجنابة، ونحو ذلك، وعلى هذا المعنى فسِّر الحديث المشهور (طلب العلم فريضة على كل مسلم) .

والقسم الآخر: فرض كفاية، وهو معرفة سائر أبواب العلم والدين، وتفصيلات المسائل وأدلتها، فإذا قام به البعض سقط الإثم عن باقي الأمة.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٢ / ٩٠، ٩١) .

ولأجل ما ورد في طلب العلم والسعي في تحصيله من الفضائل، كما في صحيح مسلم (٢٦٩٩) : (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) ، جدَّ أولو الهمم العالية في طلبه، ورحل كثير من العلماء حرصا على تحصيله، بل إن بعضهم رحل من أجل سماع حديث واحد! وقد جمع قصص هؤلاء الخطيب البغدادي في كتابه " الرحلة في طلب الحديث "، واستمرت رحلات بعضهم ثلاثين أو أربعين سنة!

- وفضل طلب العلم يشمل بقاع الأرض كلها، والرحلة في طلبه لم تكن لبلدٍ واحدٍ دون غيره، بل كانت لأصقاع الدنيا؛ قال عبد الله بن عبيد بن عمير: " كان يقال: العلم ضالة المؤمن يغدو في طلبه، فإذا أصاب منه شيئا حواه " رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٨/٣٢٢) .

- ولا نعلم حديثاً صحيحاً يذكر فضل طلب العلم في المدينة النبوية، وقد وردت روايات في فضل طلب العلم في المسجد النبوي في المدينة النبوية، لكنها ضعيفة لا تصح.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ جَاءَ مَسْجِدِي هَذَا لَمْ يَأْتِهِ إِلَّا لِخَيْرٍ يَتَعَلَّمُهُ أَوْ يُعَلِّمُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْ جَاءَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى مَتَاعِ غَيْرِهِ) .

رواه أحمد (١٤ / ٢٥٧) وابن ماجه (٢٢٣) .

والحديث صححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " (٨٧) ، والراجح: أنه ضعيف، وقد أعلَّه الدراقطني، وضعَّفه شعيب الأرنؤوط.

سئل الإمام الدارقطني – رحمه الله -:

عن حديث المقبرى عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلِّمه: فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله) .

فقال:

اختُلف فيه على سعيد المقبري، فرواه أبو صخرة حميد بن زياد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه عبيد الله بن عمر، فرواه عن سعيد المقبري عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن كعب الأحبار قولَه، ورواه ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن كعب الأحبار قولَه، وقول عبيد الله بن عمر أشبه بالصواب.

" علل الدارقطني " (١٠ / ٣٨٠، ٣٨١) .

ومع التسليم بصحة الحديث فإنه لا يصح تخصيص ذلك الفضل في مسجده صلى الله عليه وسلم، بل يَحتمِل أنه بسبب أن العلم لم يكن له منطلق في زمنه صلى الله عليه وسلم إلا مسجده.

قال السندي في تعليقه على " سنن ابن ماجه ":

قوله (من جاء مسجدي هذا) : أراد مسجده، وتخصيصه بالذِّكر: إما لخصوص هذا الحكم به، أو لأنه كان محلا للكلام حينئذ، وحكم سائر المساجد كحكمه.

انتهى

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>