ـ[يسأل أحد زملائي الهندوس في العمل عن الحكمة وراء عدم جواز ارتداء الرجال المسلمين للذهب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن شريعة الله عز وجل جاءت بأحكام تنطوي على مصالح العباد في دنياهم وأخراهم، لأنها الشريعة المنزلة من خالق هذا الإنسان العالم بما يصلحه ويفسده، لكن الحكمة من وراء التشريع قد تظهر لكل أحد وقد لا تظهر، والمؤمن مأمور بالتسليم والإذعان لأحكام الله لأن ذلك مقتضى إيمانه بالله ربا وإلهاً، ومن ثم فالكافر ينبغي أن يكون الجدال معه في إثبات هذا الإيمان أولاً، ثم بعد ذلك يخوض المرء في الحديث عن الحِكَم من وراء التشريعات.
وفي الجواب عن هذا السؤال بخصوصه نقول:
إن الله جل شأنه خلق الإنسان وجعله زوجين، ذكراً وأنثى، وجعل لكل واحد منهما خصائص تتناسب مع الوظيفة الموكلة إليه في هذه الحياة، فللرجل وظائف وأعمال لا تطيقها المرأة، وللمرأة وظائف وأعمال لا يطيقها الرجل.
وإذا كان الأمر كذلك فإن من تمام الحكمة أن يهيئ كل واحد منهما لتلك الوظائف، التي تطلب منه.
ومن المعلوم أن الذهب مما يتجمل به الإنسان ويتزين به فهو زينة وحلية، والرجل غير مقصودٍ بهذا الأمر، أي ليس إنسانا يتكمل بغيره، بل الرجل كامل بنفسه، لما فيه من الرجولة، فليس بحاجة إلى أن يتزين لشخص آخر تتعلق به رغبته، بخلاف المرأة، فإن المرأة محتاجة إلى التجمل، حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها، ولهذا أبيح لها أن تتجمل بالذهب وغيره حتى تتعلق بها رغبة الرجل، فيطلبها، فيتحقق المقصود من النكاح، وهو المحافظة على الجنس البشري، فالتنشئة في الزينة والنعومة إنما تليق بالمرأة، أما الرجل فإن ذلك في حقه من المذام والمعايب، ولذلك قال الله تعالى:(أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) الزخرف/١٨.
هذا خلاصة ما أجاب به أهل العلم عن هذا السؤال كما ذكر ذلك العلامة ابن عثيمين رحمه الله في مجموع فتاويه (١١/٦٠) .
وإذا كان الذهب والتزين به أمراً يوافق طبيعة المرأة والوظيفة التي خلقت لها فإن من الحكمة الظاهرة أن يمنع الرجل من التشبه بالمرأة في ذلك، يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في " إعلام الموقعين"(٢/١٠٩) :
" وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال حُرِّم لسد ذريعة التشبه بالنساء " انتهى.
ومن العجائب الآن: أنك ترى كثيراً من الشباب يتجملون بلبس سلاسل الذهب وغيرها، بل تجدهم يضعون المكياج على وجوههم، وهذا انتكاس في الفطرة، ويتنافى مع الرجولة والحزم اللذين يجب أن يتصف بهما الرجل، ولذلك لا تجد عاقلاً صاحب أعمال جادة يفعل ذلك، وإنما هم إما من الشواذ، أو ممن عندهم نقص في نفوسهم، وفراغ في أوقاتهم، فيحاولون ملأ نقص نفوسهم وفراغ أوقاتهم بذلك.