للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجب في قتل الكافر المعصوم الدية والكفارة

[السُّؤَالُ]

ـ[أعمل في دولة إسلامية، وصدمت أحد الكفار القادمين للعمل بها بالسيارة ومات، ولم أكن متعمداً لذلك. فهل علي كفارة أم لا؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نعم، عليك كفارة ومع الكفارة الدية تسلم إلى أهله. ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) النساء / ٩٢.

وقد ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الكفارة على من قتل كافراً معصوماً.

والكافر المعصوم ثلاثة أنواع:

١- الذمي. وهو من بيننا وبينه عقد الذمة.

٢- المعاهَد. من بيننا وبين قومه عهد على ترك القتال.

٣- المستأمِن. وهو من دخل بلاد الإسلام بأمان، كمن دخلها للتجارة أو العمل أو زيارة قريب أو ما أشبه ذلك.

فمن قتل كافراً معصوماً فعليه شيئان:

الأول: الدية، تسلم إلى أهله. وهذا إذا كان أهله غير محاربين. وأما إذا كان أهله محاربين لنا فلا يستحقون الدية، لأن أموالهم ودماءهم لا حرمة لها. تفسير السعدي (ص ٢٧٧) .

الثاني: الكفارة وهذا قول جمهور العلماء.

قال ابن قدامة في "المغني" (١٢/٢٢٤) :

وَتَجِبُ (تعني الكفارة) بِقَتْلِ الْكَافِرِ الْمَضْمُونِ , سَوَاءٌ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا. وَبِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ الْحَسَنُ , وَمَالِكٌ: لَا كَفَّارَةَ فِيهِ ; لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} . فَمَفْهُومُهُ أَنْ لا كَفَّارَةَ فِي غَيْرِ الْمُؤْمِنِ. وَلَنَا , قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} . وَالذِّمِّيُّ لَهُ مِيثَاقٌ , وَهَذَا مَنْطُوقٌ يُقَدَّمُ عَلَى دَلِيلِ الْخِطَابِ , وَلأَنَّهُ آدَمِيٌّ مَقْتُولٌ ظُلْمًا , فَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِهِ , كَالْمُسْلِمِ اهـ.

وقد اختار هذا القول جماعة من المفسرين منهم: الطبري (٩/٤٣) والقرطبي (٥/٣٢٥) وابن كثير (٢/٣٧٦) :

قال ابن جرير الطبري (٩/٤٠-٤٣) :

ثم اختلف أهل التأويل في صفة هذا القتيل الذي هو من قوم بيننا وبينهم ميثاق أهو مؤمن أو كافر؟ فقال بعضهم: هو كافر، إلا أنه لزمت قاتله ديته؛ لأن له ولقومه عهدا، فواجب أداء ديته إلى قومه للعهد الذي بينهم وبين المؤمنين، وأنها مال من أموالهم، ولا يحل للمؤمنين شيء من أموالهم بغير طيب أنفسهم. . .

ثم قال الطبري: وأولى القولين في ذلك بتأويل الآية قول من قال: عنى بذلك المقتول من أهل العهد، لأن الله أبهم ذلك، فقال: (وإن كان من قوم بينكم وبينهم) ولم يقل: "وهو مؤمن" كما قال في القتيل من المؤمنين وأهل الحرب. . . فكان في تركه وصفه بالإيمان الذي وصف به القتيلين الماضي ذكرهما قبل، الدليلُ الواضح على صحة ما قلنا في ذلك.

وذكر عن ذكر عن ابن عباس أنه قال: (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق) يقول: إذا كان كافرا في ذمتكم فقتل، فعلى قاتله الدية مسلمة إلى أهله، وتحرير رقبة مؤمنة، أو صيام شهرين متتابعين اهـ بتصرف.

واختار هذا القول أيضاً الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره لسورة النساء، الشريط رقم (٢٧) الوجه الثاني.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>