هل يجوز تصوير الطلبة والطالبات صورة جماعية للذكرى؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في أن يتجمع شباب من الجنسين من أبناء كلية واحدة لأخذ صورة جماعية للذكرى مع العلم أنها من التقاليد الموجودة في الكلية ويرى الكثير أنها غير مخالفة للدين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
اختلاط الشباب بالشابات في المدارس والكليات والجامعات وأماكن العمل ووسائل المواصلات.... إلخ من أعظم أسباب الفساد، التي تفضي إلى انتشار الرذيلة، وانعدام الحياء.
قال ابن القيم رحمه الله:
"ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر , وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة , كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا , وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة.
فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدين لكانوا أشد شيء منعا لذلك " انتهى مختصرا.
"الطرق الحكمية" (ص ٤٠٧-٤٠٨) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"اختلاط الرجال والنساء في التعليم حرام ومنكر عظيم؛ لما فيه من الفتنة وانتشار الفساد وانتهاك المحرمات، وما وقع بسبب هذا الاختلاط من الشر والفساد الخلقي لهو من أوضح الدلائل على تحريمه " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٢ / ١٨١-١٨٢) .
والواجب على من ابتلي بالدراسة في الجامعات المختلطة أن يتقي الله عز وجل ويغض بصره، وأن لا يصاحب الطالبات، وأن ينشغل بنفسه وأمر دراسته، ولو أمكنه التحول من هذه الكلية المختلطة إلى كلية منضبطة لا اختلاط فيها فهو أتقى لربه، وأحفظ لدينه.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" الطالب في الجامعات والمدارس المختلطة يجب عليه أن يحذر ذلك (يعني الاختلاط) وأن يلتمس مدرسة وجامعة غير مختلطة ; لأن وجود الشباب بجوار الفتيات وسيلة لشر عظيم , وفساد كبير , والواجب على المؤمن عند الابتلاء بهذه الأمور أن يتقي الله حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا , وأن يغض بصره , ويحذر من النظر إليها أو إلى محاسنها ومفاتنها , بل يلقي بصره إلى الأرض , ولا ينظر إليها , ومتى صادف شيئا من ذلك غض بصره " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (٥ / ٣١٣) .
وانظر أدلة تحريم الاختلاط مستوفاة في إجابة السؤال رقم: (١٢٠٠) .
ثانيا:
يحرم تصوير ذوات الأرواح، سواء كان إنسانا أو حيوانا أو طائرا، ولا فرق بين أن يكون ذلك بالنحت أو الرسم على الثوب أو الورق أو كان بالتصوير الشمسي والفوتوغرافي، ويستثني من ذلك ما يباح للحاجة أو الضرورة.
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ) متفق عليه.
وعَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ) متفق عليه.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١ / ٦٦٦) :
" لا يجوز تصوير ذوات الأرواح بالكاميرا أو غيرها من آلات التصوير، ولا اقتناء صور ذوات الأرواح ولا الإبقاء عليها إلا لضرورة كالصور التي تكون بالتابعية أو جواز السفر، فيجوز تصويرها والإبقاء عليها للضرورة إليها " انتهى.
وجاء فيها أيضا (١ / ٦٧١) :
" تصوير ذات الأرواح بالكاميرا وغيرها حرام، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره ويندم على ما حصل منه ولا يعود إليه " انتهى.
وللاستزادة: راجع جواب السؤال رقم (٢٢٦٦٠) ، (٨٩٥٤) .
ويتأكد التحريم حينما تكون صورا لطلبة وطالبات، والطالبات في كامل زينتهن، وقد أمر الله تعالى المؤمنين بغض البصر فقال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) النور/٣٠، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل أن يصرف بصره عن المرأة الأجنبية عنه، فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي) رواه مسلم (٢١٥٩) .
قال النووي رحمه الله:
" (الْفُجَاءَة) وَيُقَال: (الْفَجْأَة) هِيَ الْبَغْتَة.
وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة: أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي أَوَّل ذَلِكَ , وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال , فَإِنْ صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ , وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ لِهَذَا الْحَدِيث , فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِأَنْ يَصْرِف بَصَره مَعَ قَوْله تَعَالَى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) " انتهى.
فعلى هذا، لا يجوز التقاط مثل هذه الصورة ولا الاحتفاظ بها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب