للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمل عند والده بأجرة أخذ بعضها وكان يصرف من أمواله دون علمه

[السُّؤَالُ]

ـ[اشتغلت عند الوالد رحمه الله لمدة خمسة أشهر، وكان الاتفاق بيني وبين والدي أن أجرتي في الشهر مبلغ وقدره ٢٠٠٠ قبضت من والدي ١١٠٠. كنت أصرف من أموال والدي دون علمه وهي أقل من مجموع أجرتي الكاملة عنده. ١- هل علي أن أحصي هذه الأموال التي أخذتها دون علمه وأتصدق بها عن والدي. ٢- أم أحصي هذه الأموال وأسدد بها من دين والدي لأنه مات وهو مديون. ٣- أم أعتبر أني أخذت من أجرتي فلا شيء علي؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

إذا كان الأمر كما ذكرت من حصول الاتفاق بينك وبين والدك على العمل معه بأجرة لم تستوفها كاملة، ولم تتنازل عنها له، وكان ما أخذته من ماله دون علمه لا يخرج عن ذلك فلا شيء عليك.

وهذه المسألة لها شبه بما يذكره العلماء في مسألة "الظفر" أي: ظفر الإنسان بحقه الذي لم يستطع الوصول إليه.

قال الشنقيطي رحمه الله: " إنْ ظلمك إنسانٌ بأنْ أخذَ شيئاً مِن مالِك بغير الوجه الشرعي،

ولم يمكن لك إثباتُه، وقدرتَ له على مثل ما ظلمك به على علو وجهٍ تأمن معه الفضيحة

والعقوبة، فهل لك أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك أو لا؟

أصحُّ القولين، وأجراهما على ظواهر النصوص وعلى القياس: أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك مِن غيرِ زيادةٍ؛ لقوله تعالى: (فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ...) الآية، وقوله: (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم) ، وممن قال بِهذا القول: ابن سيرين، وإبراهيم النخعي، وسفيان، ومجاهد، وغيرهم.

وقالت طائفة من العلماء منهم مالك: لا يجوز ذلك، وعليه دَرَج خليل بن إسحاق المالكي في " مختصره " بقوله في الوديعة: وليس له الأخذ منها لمن ظلمه بمثلها، واحتج من قال بِهذا القول بحديث: (أَدِّ الأمَانَةَ إِلى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) ا. هـ.

وهذا الحديث على فرض صحته لا ينهض الاستدلال به؛ لأنَّ مَن أخذَ قدرَ حقِّه ولم يزد عليه لم يخن مَن خانه، وإنما أنصف نفسه ممن ظلمه " انتهى من "أضواء البيان" (٣/٣٥٣) .

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (٢٧٠٦٨) .

وكان ينبغي أن تطالب أباك بأجرتك وألا تلجأ إلى الأخذ من ماله دون علمه إلا في حال امتناعه عن بذلها لك.

ثانياً:

إذا تبين أنك أخذت من ماله فوق أجرتك، لزم رد قدر الزائد إلى التركة، ومنها تسدد الديون، ولا وجه للتصدق بها عن والدك.

وهكذا من أخذ مال غيره فإنه يرده إليه إن كان حيا، وإلى ورثته إن كان ميتا، ولا يتصدق به عنه إلا في حال عجزه عن الوصول إليه أو إلى ورثته.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>