للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز إخراج عظام الميت من القبر ليدفن فيه آخر؟

[السُّؤَالُ]

ـ[لو حفرت قبرا أو قبرين لدفن ميتنا فيه، وبعد أن يبلى الجلود واللحوم ننبشه ونخرج العظام ووضعها في بئر العظام وندفن ميتا آخر غيره في ذلك القبر، لضيق المكان وعدم اتساعه لمقابر كثيرة لأن الأرض محدودة لقبرين وبئر واحد للعظام.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا دفن الميت في القبر فالواجب تركه حتى يبلى، ولا يبقى له أثر، ولا يجوز نبش القبر وإخراج عظام الميت منه، ليدفن فيه آخر، بل الميت أحق به إلى أن يبلى.

قال الإمام الشافعي فيمن حفر فوجد عظام ميت: "وإن أخرجت عظام ميت أحببت أن تعاد فتدفن" انتهى.

"الأم" (١/٣١٦) .

وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (٥/٢٧٣) :

"وَأَمَّا نَبْشُ الْقَبْرِ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ.

وَيَجُوزُ نَبْشُ الْقَبْرِ إذَا بَلِيَ الْمَيِّتُ وَصَارَ تُرَابًا , وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ , وَيَجُوزُ زَرْعُ تِلْكَ الْأَرْضِ وَبِنَاؤُهَا وَسَائِرُ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ , وَإِنْ كَانَتْ عَارِيَّةً رَجَعَ فِيهَا الْمُعِيرُ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ لِلْمَيِّتِ أَثَرٌ مِنْ عَظْمٍ وَغَيْرِهِ , قَالَ أَصْحَابُنَا رحمهم الله: وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَرْضِ وَيُعْتَمَدُ فِيهِ قَوْلُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَا " انتهى.

وقال ابن قدامة في "المغني" (٢/١٩٤) :

" وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمًا , جَازَ نَبْشُ قَبْرِهِ , وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ رَجَعَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ. فَإِنْ حَفَرَ , فَوَجَدَ فِيهَا عِظَامًا دَفَنَهَا , وَحَفَرَ فِي مَكَان آخَرَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ " انتهى.

وإذا لم يوجد مكان لدفن الميت إلا أن ينبش قبر فيه ميت ويدفن فيه، فيجوز ذلك للضرورة، ولكن في هذه الحالة يجب أن يدفن معه، ولا يجوز إخراج عظام الميت الأول من القبر.

قال في "تحفة المحتاج" (٣/١٧٣) :

"وَيَحْرُمُ إدْخَالُ مَيِّتٍ عَلَى آخَرَ وَإِنْ اتَّحَدَا [يعني في الجنس] قَبْلَ بِلَى جَمِيعِهِ ... ومحل تحريمه: عند عدم الضرورة، وأما عندها فيجوز كما في الابتداء" يعني: كما يجوز أن يدفن اثنان معاً في ابتداء الدفن للضرورة.

وفي "الفتاوى الفقهية الكبرى" لابن حجر الهيتمي رحمه الله (٢/١٤) :

"حيث حفر قبر إما تعديا وإما مع ظن أنه بلي ولم يبق فيه عظم فوجد فيه عظم، رد التراب عليه وجوبا، ولا يجوز الدفن فيه قبل البلى.

وفي "الروضة" وغيرها: يحرم نبش قبر الميت ودفن غيره فيه قبل بلائه عند أهل الخبرة بتلك الأرض، فإن حفر فوجد فيها شيء من عظم الميت قبل تمام الحفر وجب رد ترابه عليه، وإن وجدها بعد تمام الحفر جعلها في جانب من القبر وجاز لمشقة استئناف قبر دفن الآخر معه" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"إذا كان الأول قد دفن واستقر في قبره فإنه أحق به، وحينئذ لا يدخل عليه ثانٍ، اللهم إلا للضرورة القصوى" انتهى.

"الشرح الممتع" (٥/٣٦٩) .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله:

يوجد لدينا محل الأموات على شكل غرفة تحت الأرض، حيث يوضع الميت، وبعد سنة يفتح هذا القبر، ويوضع ميت آخر، فهل يعذب المذنب، ويؤذى المحسن في قبر واحد؟

فأجاب:

"السنة أن يقبر كل إنسان على حدة مع القدرة، إذا اتسعت الأرض، وأمكن قبر كل واحد على حدة فهذا هو السن، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع يقبرون الموتى هكذا، كل واحد على حده، أما إذا حصل ضرورة ولم يوجد مكان إلا هكذا فلا حرج، وكل يؤاخذ بذنبه، المحسن يجازى بإحسانه، والمسيء يجازى بإساءته (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) لكن مهما أمكن فالمشروع أن يدفن كل واحدٍ على حدة، كل قبر على حدة، ولا يجمع في محل واحد " انتهى من موقع الشيخ.

http://www.ibnbaz.org.sa/mat/١٤٠٩١

وعلى هذا، فالواجب عليكم التعاون لإيجاد طريقة للدفن الشرعي، بزيادة الأماكن المخصصة لدفن الموتى، حتى يكون لكل ميت قبر.

فإن لم يمكن هذا، فيجوز إدخال ميت على ميت في القبر للضرورة، ولكنه لا تخرخ عظام الميت الأول من القبر، بل تجعل في جانب ثم يدفن معه الثاني.

ولمزيد الفائدة يراجع جواب السؤال رقم: (١١٥٥٣١) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>