هل يتعين توزيع لحم العقيقة في بلد الطفل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتعين أن يوزع لحم العقيقة في المدينة التي يعيش فيها الطفل، أم أنه يجوز أن يوزع في بلد آخر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز توزيع لحم العقيقة في بلد الطفل، أو في غيره من البلاد، والأمر في هذا واسع.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"أما كيف تؤكل وتوزع؟
فإنه يأكل منها ويهدي ويتصدق، وليس هنالك قدر لازم اتباعه في ذلك، فيأكل ما تيسر، ويهدي ما تيسر، ويتصدق بما تيسر، وإن شاء جمع عليها أقاربه وأصحابه، إما في البلد وإما خارج البلد، ولكن في هذه الحال لابد أن يعطي الفقير منها شيئاً. ولا حرج أن يطبخها ويوزعها بعد الطبخ أو يوزعها وهي نية، والأمر في هذا واسع " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (٢٢٨ / ٥) .
وإنما اختلف العلماء في المكان الأفضل لذبحها، هل الأفضل ذبحها في بلد الطفل، أم في بلد الوالد، ـ إن كان يقيم في بلد آخر ـ؟
وهذا الخلاف إنما هو في الأفضل، لا في الإجزاء.
فذكر ابن حجر الهيتمي رحمه الله: احتمالاً أنها تذبح في بلد الطفل قياساً على زكاة الفطر، فإنها تخرج في البلد الموجود فيه الشخص، واختار أنها تذبح في بلد من يقوم بالعقيقة (الوالد أو غيره) لأنه هو المخاطب بها.
"الفتاوى الكبرى" (٤/٢٥٧)
واختار الشيخ ابن جبرين حفظه الله: أن الأفضل أن تذبح في بلد الطفل، فقد سئل: هل تُذْبَحُ العقيقة في البلد المتواجد فيها المولود له، أم في البلد التي وُلِدَ بها المولود؟ مع الدليل إن وجد.
فأجاب:
"الأفضل أنها تكون في البلد التي فيها الطفل، فإذا كان الوالد في بلد أخرى أرسل ثمن العقيقة، وَوَكَّلَ مَنْ يذبحها، ويدعو إليها، ليكون ذلك أقرب إلى الدعاء للمولود والتبريك له فيه، وما أشبه ذلك. والله أعلم" انتهى.
http://www.ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=٥٣٦٩
وسئل الشيخ الألباني رحمه الله: هل يشترط أن تذبح العقيقة في نفس بلد المولود؟
فأجاب: لا.
http://www.alathar.net/esound/index.php?page=tadevi&id=٢٦٢&coid=٢٨٣٦
وقد نبه العلماء على مسألة مهمة فيما يتعلق بالعقيقة والأضاحي، أنه لا ينبغي أن يرسل النقود لمن يشتري بها شاة ويذبحها في بلد آخر، بحجة أن أهلها فقراء، بل المطلوب من المسلم أن يباشر الذبح بيده، أو يحضر عملية الذبح، حتى يشعر أنه تقرب إلى الله تعالى بهذه الذبيحة، وأن المسألة ليست مجرد صدقة بالمال، وتعطيل الشعائر الإسلامية. فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
ما حكمُ توزيعِ العقيقة وإخراجِها خارجَ البلاد، مع العلم بعدم حاجة أهلها لِلَحم هذه العقيقة، وباستطاعتهم أن يقيموا بدلاً عنها واحدةً أخرى في نفس البلد؟
فأجاب:
" بالمناسبة لهذا السؤال أود أن أبين للإخوة الحاضرين والسامعين أنه ليس المقصودُ من ذبح النسك سواءً كان عقيقةً أو هدياً أو أضحيةً اللحمُ أو الانتفاعُ باللحم، فالانتفاع باللحم يأتي أمراً ثانوياً.
المقصود بذلك هو: أن يتقرب الإنسان إلى الله بالذبح، هذا أهم شيء، أما اللحم فقد قال الله تعالى: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) الحج/٣٧.
وإذا علمنا ذلك تبين لنا خطأ من يدفعون مالاً ليُضَحَّى عنهم في مكان آخر، أو يُعَقَّ عن أولادهم في مكانٍ آخر؛ لأنهم إذا فعلوا ذلك فاتهم المهم، بل فاتهم الأهم من هذه النسيكة وهو التقرب إلى الله بالذبح، وأنت لا تدري من يتولى ذبح هذه، قد يتولاه مَن لا يصلي، فلا تحل، أو قد يتولاه مَن لا يسمي عليها، فلا تحل، أو قد يُعبث بالذبيحة ولا يُشترى إلا شيئاً لا يُجزئ.
فمن الخطأ جداً أن تصرف الدراهم لشراء الأضاحي أو العقائق من مكان آخر، نقول: اذبحها أنت، بيدك إن استطعت، أو بوكيلك، واشهَدْ ذبحها حتى تشعر بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بذبحها، وحتى تأكل منها؛ لأنك مأمورٌ بالأكل نها، قال الله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) الحج/٢٨.
وقد أوجب كثير من العلماء على الإنسان أن يأكل من كل نسيكةٍ ذبحها تقرباً إلى الله، كالهدايا، والعقائق وغيرها، فهل ستأكل منها وهي في محل بعيد؟! لا.
وإذا كنت تريد أن تنفع إخوانك في مكان بعيد فابعث بالدراهم إليهم، ابعث بالثياب إليهم، ابعث بالطعام إليهم، أما أن تنقل شعيرة من شعائر الإسلام إلى بلاد أخرى فهذا لا شك أنه من الجهل " انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (٢٣/١١) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
"الأضحية والعقيقة يذبحهما المسلم في بلده وفي بيته، ويأكل ويتصدق منهما، ولا يبعث بقيمتهما ليشتري بها ذبيحة وتوزع في بلد آخر؛ كما ينادي به اليوم بعض الطلبة المبتدئين أو بعض العوام؛ بحجة أن بعض البلاد فيها فقراء محتاجون " انتهى.
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (٥٠ / ١٠)
وبهذا يتبين أن المهم في العقيقة مباشرة العاق للذبح، أو يحضره، ثم يأكل منها، ويتصدق، وله أن يرسل اللحم ويوزعه في أي مكان شاء.
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (٨٤٢٣) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب