تزوج أرملة فعارضه أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مسلم تزوجت أرملة لها ٤ أولاد دون موافقة أهلي، وأعيش الآن في سعادة، ونقرأ القرآن، ونحافظ على الصلوات، تزوجتها لأنني أريد أن أساعدها في حياتها وتربيتها لأبنائها الأربعة، سبب رفض والداي لزواجي هو لماذا أتحمل عبء شخص آخر، هذا غير الخزي الذي سيلحق بهم من أقاربهم.
شرحت لهم التالي:
أنني سعيد بتحملي لهذه المسئولية وأنني لم أكلف نفسي فوق طاقتها.
لماذا لا أتحمل المتاعب لأساعد امرأة تعاني من مشاكل صحية ونفسية ومالية وأعطيها الحياة من جديد.
أقاربي يهتمون بجمال الزوجة وثروتها فقط ولا يهمهم الدين.
بالرغم من كل التوضيحات لهم، لكنهم رفضوني أنا وزوجتي، وقد تزوجت بالرغم من كل هذا، وأنا سعيد الآن، وأتوب إلى الله دائماً لأنني قسوت على والدي ووالدتي. سمعت أحد المشايخ يقول بأن " الجنة تحت أقدام الأمهات " (أظنني سمعتها هكذا) ، أشعر بالذنب فأرجو أن تخبرني بما يجب فعله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ما فعلتَه من زواجك من امرأة ذات عيال وتعاني من مشاكل متعددة هو أمر تُحمد عليه وتؤجر، وخاصة إن كانت صاحبة دين كما هو ظاهر من سؤالك.
فقد رغَّب الشرع للمتزوج أن يبحث عن ذات الدين، فإنها نعمَ الزوجة تكون له، تحفظ نفسها وزوجها، وتربي أولاده على ما يحب ربنا تعالى، وتطيع زوجها ولا تعصيه وزواج البكر مستحب شرعاً، وهو أفضل من زواج الثيب، لكن قد يعرض للثيب ما يجعلها أفضل من البكر كما لو كان في الزواج بها مصلحة لا توجد في البكر، أو كانت تفوق البكر في الدين والخلق.
روى البخاري (٤٠٥٢) ومسلم (٧١٥) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ نَكَحْتَ يَا جَابِرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَبِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ؟ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَهَلا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ. فقُلْتُ: إِنَّ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ آتِيَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَجِيءَ بِامْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ. قَالَ فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْ قَالَ لِي خَيْرًا وَفِي رِوَايَةِ: قَالَ: أَصَبْتَ. وَفِي رِوَايَةِ لمسلم: قَالَ: فَذَاكَ إِذَنْ، إِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ عَلَى دِينِهَا وَمَالِهَا وَجَمَالِهَا فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ.
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (٦/١٢٦) :
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ نِكَاحِ الأَبْكَارِ إلا لِمُقْتَضٍ لِنِكَاحِ الثَّيِّبِ كَمَا وَقَعَ لِجَابِرٍ اهـ.
وقال السندي:
(فَذَاكَ) الَّذِي فَعَلْت مِنْ أَخْذ الثَّيِّب أَحْسَن أَوْ أَوْلَى أَوْ خَيْر اهـ.
فقد أصبت وأحسنت في زواجك من هذه المرأة، ولا عليك من كلام الناس بعدها، فقد فعلتَ ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان أكثر نسائه ثيبات.
ولا تشترط موافقة أهلك على زواجك، وخاصة إن كانت معارضتهم لما ذكرتَه عنهم، وقد سبق في جواب السؤال رقم (٢٠١٥٢) فتوى الشيخ عبد الله بن حميد في هذه المسألة، فلينظر، فهو مهم.
وعليك أن تتوب وتستغفر من قسوتك على والديك، والواجب عليك التلطف معهما، واسترضاؤهما، ويمكنك بالجدال بالتي هي أحسن أن تتوصل لإقناعهما، فتجمع بين الأمرين: أمر زواجك ممن ترغب، وأمر رضاهما وهو مهم.
ثانياً:
أما حديث " الجنة تحت أقدام الأمهات " فهو غير صحيح بهذا اللفظ.
وقد ورد من حديث ابن عباس وحديث أنس.
أما حديث ابن عباس: فقد رواه ابن عدي في " الكامل " (٦ / ٣٤٧) ، وقال: هذا حديث منكر.
وأما حديث أنس: فقد رواه الخطيب البغدادي، وهو ضعيف.
قال العجلوني:
وفي الباب أيضاً ما أخرجه الخطيب في " جامعه " والقضاعي في مسنده عن أنس رضي الله عنه رفعه " الجنة تحت أقدام الأمهات "، وفيه: منصور بن المهاجر، وأبو النضر الأبار، لا يعرفان.
وذكره الخطيب أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما، وضعَّفه.
" كشف الخفاء " (١ / ٤٠١) .
وقال الشيخ الألباني عن حديث ابن عباس إنه موضوع.
وقال:
ويغني عنه: حديث معاوية بن جاهمة أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله أردتُ أن أغزو، وقد جئت أستشيرك فقال: هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها؛ فإن الجنة تحت رجليها.
رواه النسائي (٢ / ٥٤) وغيره كالطبراني (١ / ٢٢٥ / ٢) ، وسنده حسن إن شاء الله، وصححه الحاكم (٤ / ١٥١) ، ووافقه الذهبي، وأقره المنذري (٣ / ٢١٤) . " السلسلة الضعيفة " (٥٩٣) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب