للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم تمكنه من الدخول بها ولا تريده فهل يخالعها ويطلب المهر والمصاريف؟

[السُّؤَالُ]

ـ[لي أخ عقد قرانه على فتاة واستمرت فترة الخطبة لأكثر من عام وبعد انتهاء مراسم الزواج "ليلة الدخلة" قالت له زوجته: لا تلمسني ولا أريدك، حيث إنه لم يدخل بها، سؤالي: ماذا يستحق من مبالغ شرعا من أهل البنت حيث إن تكاليف الزواج تجاوزت الثلاثين ألف دولار بين مهر وحفلات وملابس، علما أنها لو طلبت الخلع أو الانفصال خلال فترة الخطبة ما تجاوزت التكاليف ١٠ آلاف دولار]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا تم عقد النكاح، وأراد الزوج من زوجته أن تنتقل معه إلى بيته، لزمها ذلك، وحرم عليها منع نفسها منه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ) رواه البخاري (٣٢٣٧) ومسلم (١٧٦) .

فإن كرهت زوجها، ولم تطب نفسها بالبقاء معه، فقد جعل الله لها مخرجا، وهو طلب الخلع، فترد إليه جميع المهر الذي أعطاها، ويؤمر الرجل حينئذ بقبوله ومفارقتها؛ لما روى البخاري (٥٢٧٣) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً) .

وعند ابن ماجه (٢٠٥٦) أنها قالت: (لا أطيقه بغضاً) صححه الألباني في صحيح ابن ماجة.

ويصح الخلع بأكثر من المهر الذي دفعه لها إذا تراضيا على ذلك في قول جمهور أهل العلم، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي، وهو مذهب أحمد إلا أنه يكره عنده ويصح.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٧/٢٤٧) : " (ولا يستحب له أن يأخذ أكثر مما أعطاها) هذا القول يدل على صحة الخلع بأكثر من الصداق، وأنهما إذا تراضيا على الخلع بشيء صح. وهذا قول أكثر أهل العلم. روي ذلك عن عثمان وابن عمر وابن عباس وعكرمة ومجاهد وقبيصة بن ذؤيب والنخعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي. لقول الله تعالى: (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) ، وقالت الربيع بنت معوذ: اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي [هو ما يربط به الشعر] ، فأجاز ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه. ومثل هذا يشتهر، فلم ينكر، فيكون إجماعا، ولم يصح عن علي خلافه.

فإذا ثبت هذا؛ فإنه لا يستحب له أن يأخذ أكثر مما أعطاها. وبذلك قال سعيد بن المسيب والحسن والشعبي والحكم وحماد وإسحاق وأبو عبيد، فإن فعل جاز مع الكراهية، ولم يكرهه أبو حنيفة ومالك والشافعي. قال مالك: لم أزل أسمع إجازة الفداء بأكثر من الصداق " انتهى باختصار.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والمشهور من مذهب الحنابلة الوسط بين المنع والجواز حيث قالوا: إنه يكره أن يطلب منها أكثر مما أعطاها. والذي ينبغي للإنسان أن يتقي الله عز وجل، فإذا كان الخطأ من المرأة فلا حرج عليه أن يطلب ما شاء، وأما إذا كان التقصير منه، وأن المرأة سئمت البقاء معه لتقصيره، فليخفف ويكتفي بما تيسر، ثم هناك فرق أيضاً بين المرأة الغنية والمرأة الفقيرة، وهذا أيضاً ينبغي للزوج أن يراعيه " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (٨/٢٥) .

وبناء على ذلك، فلأخيك أن يطلب المهر وما دفعه من مصاريف على الحفل وغيره، لا سيما إن كانت المرأة غنية، وإن خفف وتجاوز عن بعض ذلك، فهذا خير.

وننبه إلى أن ما بعد العقد لا يسمى فترة الخطبة، بل هو فترة العقد.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>