هل تخلع النقاب، لأنه يعيقها في حركتها، ولا تشعر أنها تلبسه لله؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[ٍأنا ملتزمة بلبس الإسلام، الإسدال، والنقاب، سؤالي هو: أني أعلم أن النقاب أمر يختلف فيه العلماء في أنه فرض أو سنَّة، أنا ألبسه منذ تسعة شهور، ولكنه يعيقني في الحركة كثيراً، ولكني طول هذه المدة حاولت أن أجعل نفسي تأخذ عليه كثيراً حتى لا أرجع في هذه الخطوة، لله، وحتى يوفقني الله دنيا وآخرة، ولكنه يضايقني كثيراً في التنفس، فأنا أتنفس دائماً زفير خارجاً من فمي، أو من أنفى، وفي السفر للدراسة يكون الجو حارّاً أغلب السنة الدراسية، فأنا أسافر مائة كيلو كل يوم، غير المعهد الآخر الذي أدرس فيه مساءً، فيعيقني في النفس، ولا أعرف أن أكتب منه؛ فإنه يتعبني كثيراً عندما أكتب، وعند النظر في المحاضرات، وأنا دائماً لا ألبس القفاز؛ لأني لا أعرف أكتب به، ولا آكل به في السفر، وإن المعهدين دراستهم عملي فأنا أنوي أن أترك النقاب، ولكني أخاف أن يعاقبني الله، ولكني أرجو من الله أن يسامحني عليه، ويبدلني بطاعته، والتقرب إليه في شيء آخر أفضل، فماذا أفعل؟ مع العلم أنه أتعبني كثيراً، ولا أريده، فأنا الآن تعبت من كثرة إرغام نفسي على طاعتي لله فيه؛ لأنه يعيقني حركيّاً كثيراً، ويضايقني في التنفس، فأغلب الوقت أكون فيه عصبية بسبب عدم التنفس بطريقة صحيحة، فأخرج غضبي على أصحابي! فهل حرام عليَّ أخلعه لأنتبه لدراستي لأنه يعيقني في النظر غير أنى طول الوقت أحس أني لا ألبسه لله فقط، ولكن يوجد داخلي نية لأتزوج من خلاله بشخص ملتزم، وهكذا فلن آخذ عليه الثواب فماذا أفعل؟ فأنا أخاف أن أخلعه ويعاقبني الله فماذا أفعل؟ وهل الله سوف يغضب عليَّ ولا يوفقني أم سيسامحني وسيوفقني في شيء أفضل؟ لأني أخاف. آسفة على الإطالة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اعلمي – يا أمة الله – أن للشيطان مداخل على ابن آدم متنوعة، وليس من همٍّ لإبليس إلا إغواء الناس، وإيقاعهم في مخالفة أمر ربهم تعالى، فاحذري كيده، وإياك أن تقعي في حبائله، ومن ذلك: إيهامك أن لبسك للنقاب ليس لله تعالى! وأن عليك خلعه! وهذا كله من تلبيسه ومكره، فكيف تصدقينه في وسوسته أن لبسك للنقاب ليس لله؟! وهذا يعني أن خلعك له سيكون لله! فهل رأيت شبهة أسقط من هذه؟! فكان عليك التفكير في النتيجة، وليس في الفعل وحده؛ لأنه إن كان الستر والحجاب هو لغير الله: فإن عدمهما هو لله! وهذا ما لا يمكن أن يفوت على مسلم يعلم ما يحب ربه وما يُسخطه، فلا تلتفتي لمكر الشيطان، ولا تصغي له سمعاً.
ثم ما العيب في أن تطلبي زوجا صالحا، وأن تهيئي نفسك لذلك، فالطيور على أشكالها تقع، والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات، فإن أوهمك ذلك، أو افترضنا أنك لبستيه في أول الأمر بهذه النية، فاجتهدي الآن على أن تصححي نيتك وتجعليها لله، ولا يضرك كيد الشيطان ووسواسه.
واعلمي أن الكتاب والسنَّة قد دلَاّ على وجوب تغطية وجهك وكفيك أمام الأجانب، وانظري أدلة ذلك في أجوبة الأسئلة (٤٥٨٦٩) و (٢١٥٣٦) و (٢٧١٠٧) و (١١٧٧٤) و (١٤٩٦) و (٢١٩٨) .
ثانياً:
بخصوص تأثير لبس النقاب على صحتك وتنفسك: فيمكنك معالجة هذه المسألة إما بعلاج نفسك إن كان السبب هو مرض عندك، ويمكنك معالجتها بلبس غطاء للوجه يكون فضفاضاً واسعاً لا يؤثر على تنفسك عند لبسه، ولا تظنين أن الإسلام يشرِّع ما فيه ضرر ومشقة بالغة على المكلَّف، وبخصوص اللباس فإن الشرع المطهَّر لم يأتِ إلا بما فيه خير وصلاح الرجال والنساء، ولكِ أن تستعيني بأخواتك المنتقبات المحجبات لدلالتك على لباس يستر وجهك مع عدم مشقة وحرج، أو يدلونك على طريقة لبس نقابك بما لا يؤثر على بدنك، ولا تجعلي هذا الأمر سبباً لخلعك له، ولا سبيلاً للتخلص من سترك لوجهك والالتزام بما أمرك به ربك تعالى.
وانظري جواب السؤال رقم: (٣٤٥٤٤) .
ثالثاً:
كما أن كشفك لوجهك من المحرَّمات: فإن اختلاطك بالرجال في أماكن الدراسة أيضاً من المحرَّمات.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
ما حكم الإسلام في خروج المرأة لتعلم العلم الدنيوي، مع أنها تتحمل في هذا الخروج بعض المعاصي مثل: خلع النقاب، والاختلاط بالرجال، وتضيع الوقت فيما لا ينفع، مع العلم أن والدي يأمرني بالذهاب إلى الجامعة، فلما أصريت على عدم الذهاب غضبوا عليَّ غضباً شديداً جدّاً، فهل عليَّ أن أطيعهم في هذا الأمر، وإذا لم أطعهما فهل في هذه الحالة إثم؟ .
فأجابوا:
خلع الحجاب محرَّم، والاختلاط بالرجال في التعليم محرَّم، ولا تجب طاعة الوالدين في معصية الله تعالى، ولا إثم عليك في ذلك.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٧ / ٢٦٣) .
رابعاً:
وقد لفتَ نظرنا في السؤال سفرك من غير محرَّم! وهذا أيضً من المحرَّمات.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) . رواه البخاري (١٧٦٣) ومسلم (١٣٤١) .
ومحرَم المرأة، المراد به: من لا يحل له نكاحها.
قال النووي – رحمه الله -:
فالحاصل: أن كل ما يسمَّى سفراً: تُنهى عنه المرأة، بغير زوج، أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام، أو يومين، أو يوماً، أو بريداً.
" شرح مسلم " (٩ / ١٠٣) .
قال ابن حجر – رحمه الله -:
(واستدل به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهو إجماع في غير الحج، والعمرة، والخروج من دار الشرك، ومنهم من جعل ذلك من شرائط الحج.
" فتح الباري " (٢ / ٥٦٨) .
وانظري أجوبة الأسئلة: (٨٢٣٩٢) و (٤٧٠٢٩) و (٩٣٧٠) .
والخلاصة:
تغطية وجهك مما أوجبه الله عليك، والوهم أنك لا تلبسينه لله إنما هو من كيد الشيطان ليصدك عن فعل الخير والستر والعفاف، ولا يحل لك السفر من غير محرَم، ولا الدراسة، ولا العمل في أماكن مختلطة بالرجال، وابحثي عن مكان قريب منك ليس فيه إلا نساء، وادرسي ما شئت من العلوم المباحة، ولا تعملي في مكان يعمل فيه رجال، وابقي على خوفك من الله؛ ففي الخوف من الله حياة لقلبك، وإصلاح لأعمالك، وإتقان لطاعاتك له عز وجل، ونسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب