حكم ولاية المرأة للقضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تكون قاضية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تتولى القضاء , ولو ولِّيت أثم المولي , وتكون ولايتها باطلة , وحكمها غير نافذ في جميع الأحكام , وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة , وبعض الحنفية.
انظر: "بداية المجتهد" (٢/٥٣١) , "المجموع" (٢٠/١٢٧) , "المغني" (١١/٣٥٠) .
واستدلوا على ذلك بجملة من الأدلة:
١- قول الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/٣٤. فالرجل قيم على المرأة , بمعنى أنه رئيسها وكبيرها والحاكم عليها , فالآية تفيد عدم ولاية المرأة , وإلا كانت القوامة للنساء على الرجال , وهو عكس ما تفيده الآية.
٢- قوله تعالى: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) البقرة/٢٢٨.
فمنح الله تعالى الرجال درجة زائدة على النساء , فتولي المرأة لمنصب القضاء ينافي الدرجة التي أثبتها الله تعالى للرجال في هذه الآية لأن القاضي حتى يحكم بين المتخاصمين لا بد أن تكون له درجة عليهما.
٣- وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ: (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً) رواه البخاري (٤٤٢٥) .
استدل الفقهاء بهذا الحديث على عدم جواز تولي المرأة القضاء , لأن عدم الفلاح ضرر يجب اجتناب أسبابه , والحديث عام في جميع الولايات العامة , فلا يجوز أن تتولاها امرأة , لأن لفظ (أمرهم) عام فيشمل كل أمر من أمور المسلمين العامة.
قال الشوكاني رحمه الله:
" فليس بعد نفي الفلاح شيء من الوعيد الشديد , ورأس الأمور هو القضاء بحكم الله عز وجل , فدخوله فيها دخولاً أولياً " انتهى.
"السيل الجرار" (٤/٢٧٣) .
وقالت لجنة الفتوى بالأزهر:
" إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقصد بهذا الحديث مجرد الإخبار عن عدم فلاح القوم الذين يولون المرأة أمرهم , لأن وظيفته عليه الصلاة والسلام: بيان ما يجوز لأمته أن تفعله حتى تصل إلى الخير والفلاح , وما لا يجوز لها أن تفعله حتى تسلم من الشر والخسارة , وإنما يقصد نهي أمته عن مجاراة الفرس في إسناده شيء من الأمور العامة إلى المرأة , وقد ساق بأسلوب من شأنه أن يبعث القوم الحريصين على فلاحهم وانتظام شملهم على الامتثال وهو أسلوب القطع بأن عدم الفلاح ملازم لتولية المرأة أمراً من أمورهم , ولا شك أن النهي المستفاد من الحديث يمنع كل امرأة في أي عصر من العصور أن تتولى أي شيء من الولايات العامة , وهذا العموم تفيده صيغ الحديث وأسلوبه " انتهى.
٤- وأيضاً: طبيعة المرأة وتكوينها تمنع من تولي المرأة الولايات العامة.
قالت لجنة الأزهر للفتوى بعد ذكر الاستدلال من الحديث:
" وهذا الحكم المستفاد من هذا الحديث , وهو منع المرأة من الولايات العامة ليس حكما تعبديا , يقصد مجرد امتثاله , دون أن تعلم حكمته , وإنما هو من الأحكام المعللة بمعان واعتبارات لا يجهلها الواقفون على الفروق بين نوعي الإنسان – الرجل والمرأة – ذلك أن هذا الحكم لم يُنَطْ (أي: يعلق) بشيء وراء الأنوثة التي جاءت كلمة (امرأة) في الحديث عنواناً لها , وإذن فالأنوثة وحدها هي العلة. . . إن المرأة بمقتضى الخلق والتكوين مطبوعة على غرائز تناسب المهمة التي خلقت لأجلها , وهي مهمة الأمومة , وحضانة النشء وتربيته , وهذه قد تجعلها ذات تأثر خاص بدواعي العاطفة , وهي مع هذا تعرض لها عوارض طبيعية تتكرر عليها في الأشهر والأعوام من شأنها أن تضعف قوتها المعنوية , وتوهن عزيمتها في تكوين الرأي والتمسك به , والقدرة على الكفاح والمقاومة في سبيله , وهذا شأن لا تنكره المرأة نفسها , ولا تعوزنا الأمثلة الواقعية التي تدل على أن شدة الانفعال والميل مع العاطفة من خصائص المرأة في جميع أطوارها وعصورها " انتهى.
٥- وأيضاً: التجربة العملية لبعض الدول تدل على أن المرأة لا تصلح لتولي منصب القضاء , وأن الشرع لما نهى عن تولي المرأة الولايات العامة جاء بما يحقق المصالح ويدفع المفاسد؛ بما لا يراه ولا يعلمه أصحاب النظر القاصر.
ففي إحدى الدول الإسلامية فتحت وزارة العدل أبواب القضاء أمام النساء النابغات , ولكن بعد تجربة خمس سنوات عزلت جميع هؤلاء النساء القاضيات!! وأغلقت أمام المرأة أبواب المعهد العالي للقضاء بسب فشلهن في التجربة , رغم ما أتيح لهن من فرص التعليم والتدريب، ورغم ما حصلن عليه من درجات تفوق الرجال في المجال النظري.
وفي دولة إسلامية أخرى فتح مجال القضاء للنساء ثم اضطرت الدولة بعد فشلهن أن تنقلهن من المحكمة إلى المجال الفني وقسم البحوث.
وهذا يدل على أن المرأة ليست أهلاً للقضاء.
٦- وأيضاً: لأن القاضي مطالب بالحضور في محافل الرجال والاختلاط بالخصوم والشهود وقد يحتاج إلى الخلوة بهم , وقد صان الشرع المرأة , وحفظ لها شرفها وعرضها , وحفظها من عبث العابثين , وأمرها بلزوم بيتها , وعن الخروج منه إلا لحاجة , ومنعها من مخالطة الرجال والخلوة بهم لما في ذلك من خطر على كيان المرأة وعرضها.
٧- وأيضاً: القضاء يحتاج إلى زيادة الذكاء والفطنة وكمال الرأي والعقل , والمرأة أنقص من الرجل في ذلك , وهي قليلة الخبرة بأمور الحياة وحيل الخصوم.
إضافة على ذلك: ما يعرض لها من عوارض طبيعية على مر الأيام والشهور والسنين من الحيض والحمل والولادة والرضاع. . . إلخ مما يوهن جسمها , ويؤثر على كمال إدراكها للأمور , مما يتنافى مع منصب القاضي ومكانته.
انظر: "ولاية المرأة في الفقه الإٍسلامي" (ص ٢١٧-٢٥٠) رسالة ماجستير للباحث حافظ محمد أنور.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب