هل يؤخر الصبي عن الصف الأول إذا تقدم إليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تقدم صبي صغير إلى الصف الأول في الصلاة، فهل يجوز أن نؤخره ليصلي مكانه رجل كبير؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أهل العلم والفضل أن يتقدموا إلى الصلاة، ويكونوا قريبين منه صلى الله عليه وسلم، فقال: (لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) . رواه مسلم (٤٣٢) .
غير أن هذا الحديث ليس نهياً لغيرهم عن التقدم، وإنما هو حث لأولي الأحلام والنهى بالتقدم إلى الصلاة، حتى يكونوا خلف الإمام، وفي الصفوف الأولى، فإن تكاسلوا وتأخروا عن الحضور إلى الصلاة، فمن سبق إلى الصف الأول أو خلف الإمام فهو أحق به، ولو كان صبياً صغيراً.
قال ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى" (١/٢٢٩) :
" الصِّبْيَانَ مَتَى سَبَقُوا الْبَالِغِينَ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إخْرَاجُهُمْ " انتهى.
وذكر المرداوي في "الإنصاف" (٢/٤١) :
أن المجد ابن تيمية اختار أن الصبي لا يُؤخر عن مكانه الذي سبق إليه، قال: وهو الصواب.
وقال الشيخ ابن باز: " الأصح أنهم - أي الصبيان - إذا تقدموا لا يجوز تأخيرهم، فإذا سبقوا إلى الصف الأول أو إلى الصف الثاني فلا يقيمهم من جاء بعدهم، لأنهم سبقوا إلى حق لم يسبق إليه غيرهم فلم يجز تأخيرهم لعموم الأحاديث في ذلك، لأن في تأخيرهم تنفيراً لهم من الصلاة، ومن المسابقة إليها فلا يليق ذلك.
لكن لو اجتمع الناس بأن جاءوا مجتمعين في سفر أو لسبب، فإنه يصف الرجال أولاً، ثم الصبيان ثانياً، ثم النساء بعدهم إذا صادف ذلك وهم مجتمعون، أما أن يؤخذوا من الصفوف ويزالوا ويصف مكانهم الكبار الذين جاءوا بعدهم فلا يجوز ذلك.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى) ، فالمراد به التحريض على المسارعة إلى الصلاة من ذوي الأحلام والنهى وأن يكونوا في مقدم الناس، وليس معناه تأخير من سبقهم من أجلهم " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (١٢/٤٠٠) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (٣/٤) :
" إنَّ الصبيان إذا تقدَّموا إلى مكان، فهم أحقُّ به مِن غيرهم؛ لعموم الأدلَّة على أنَّ مَن سبقَ إلى ما لم يسبق إليه أحدٌ فهو أحقُّ به، والمساجدُ بيوتُ الله، يستوي فيها عباد الله، فإذا تقدَّم الصبيُّ إلى الصفِّ الأول ـ مثلاً ـ وجَلَسَ فليكنْ في مكانِه، ولأننا لو قلنا بإزاحة الصِّبيان عن المكان الفاضل، وجعلناهم في مكان واحد أدى ذلك إلى لَعبِهم؛ لأنَّهم ينفردون بالصَّفِّ " انتهى.
وقال الشيخ أيضا:
" يجوز أن يكون الصبيان في الصف ولو قطعوا الصف؛ لأنهم بشر ليسوا حجراً وليسوا أعمدة , فهم لا يقطعون الصفوف , ولا يجوز لأحد أن يبعدهم من مكانهم - أيضاً - حتى ولو كانوا خلف الإمام مباشرة في الصف الأول، فإنه لا يحل لأحد أن يبعدهم من مكانهم "
انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (١٠٦/٢٤) .
فعلى ما تقدم: فأولى الناس بالصف الأول ولو كان خلف الإمام مباشرة من سبق إليه، ولو كان صبيا، ولو كان مفضولاً، ولا يجوز حينئذ تأخيره.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب