الدعاء لمن أحسن إليك بـ (جزاك الله خيرا)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل شكر من تأخذ منه المال بمثل: " جزاك الله خيرا " فيه محذور؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الخلق الكريم يقتضي مكافأة من يؤدي إليك المعروف، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، فقال: (مَن صَنَعَ إِليكُم مَعرُوفًا فَكَافِئُوه، فَإِن لَم تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوا بِهِ فَادعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوا أَنَّكُم قَد كَافَأتُمُوهُ) رواه أبو داود (١٦٧٢) وصححه الألباني.
وإحسان المكافأة يعني اختيار ما يدخل الفرح والسرور على صاحب المعروف، فكما أنه أدخل على قلبك المسرة، فينبغي أن تسعى لشكره بالمثل، قال تعالى: (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) الرحمن/٦٠.
فإن قصرت الحيلة عن مكافأته بهدية، أو مساعدة في عمل، أو تقديم خدمة له، ونحو ذلك، فلا أقل من الدعاء له، وقد يكون هذا الدعاء من أسباب سعادته في الدنيا والآخرة.
ومن أفضل صيغ الدعاء لمن أدى إليك معروفا ما جاءت به السنة:
فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ) .
رواه الترمذي (١٩٥٨) والنسائي في "السنن الكبرى" (٦/٥٣) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقد ورد هذا الدعاء من قول النبي صلى الله عليه وسلم في سياق حديث طويل وفيه قوله: (وَأَنتُم مَعشَرَ الأَنصَارِ! فَجَزَاكُمُ اللَّهُ خَيرًا، فَإِنَّكُم أَعِفَّةٌ صُبُرٌ) رواه ابن حبان (٧٢٧٧) والحاكم (٤/٧٩) وقال: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي، وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٣٠٩٦) : وهو كما قالا.
كما كانت هذه الجملة من الدعاء معتادة على ألسنة الصحابة رضوان الله عليهم:
جاء في مصنف ابن أبي شيبة (٥/٣٢٢) : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لو يعلم أحدكم ما له في قوله لأخيه: جزاك الله خيرا، لأَكثَرَ منها بعضكم لبعض) .
وهذا أسيد بن الحضير رضي الله عنه يقول لعائشة رضي الله عنها: (جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا، وجعل للمسلمين فيه بركة) رواه البخاري (٣٣٦) ومسلم (٣٦٧) .
وفي صحيح مسلم (١٨٢٣) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه، وقالوا: جزاك الله خيرا. فقال: راغب وراهب) . أي راغب فيما عند الله من الثواب والرحمة، وراهب مما عنده من العقوبة.
ومعنى " جزاك الله خيرا" أي أطلب من الله أن يثيبك خيرا كثيراً.
"فيض القدير" (١/٤١٠) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "شرح رياض الصالحين" (٤/٢٢) :
" والمكافأة تكون بحسب الحال، من الناس من تكون مكافأته أن تعطيه مثل ما أعطاك أو أكثر، ومن الناس من تكون مكافأته أن تدعو له، ولا يرضى أن تكافئه بمال، فإن الإنسان الكبير الذي عنده أموال كثيرة، وله جاه وشرف في قومه إذا أهدى إليك شيئا فأعطيته مثل ما أهدى إليك رأى في ذلك قصورا في حقه، لكن مثل هذا ادع الله له، (فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه) ، ومن ذلك أن تقول له: (جزاك الله خيرا) ، وذلك لأن الله تعالى إذا جزاه خيرا كان ذلك سعادة له في الدنيا والآخرة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب