للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم العمل في مجال السياحة كموظف للحجز

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم العمل في شركة سياحة أو شركة طيران كموظف حجز تذاكر طيران أو حجز بواخر؟ وما حكم العمل أيضا كمرشد سياحي؟ علما بأني خريج كلية سياحة وفنادق]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

لا حرج في العمل بمكاتب حجز تذاكر الطيران أو البواخر، إذا كان لا يعين على المنكر، ومن المنكر أن يبيع التذاكر لمن علم أو غلب على ظنه أنه ذاهب للحرام، كمن يذهب بعائلته لبلاد الكفر للتنزه والترفه، وكمن يذهب لأماكن الفساد كالملاهي والمناطق السياحية التي لا تخلو من منكر وفساد، كاختلاط الرجال بالنساء، وتناول المسكرات والمحرمات ونحو ذلك، لقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/٢.

ثانيا:

معلوم أن السياحة، بمعناها المعروف الآن، لا تخلو من الموبقات وكبائر الذنوب، من شرب الخمر، والعري والتفسخ، ونشر الرذيلة، وترك الصلوات..، وسائر البلايا التي يراها ويعلمها كل أحد سمع عن السياحة، وأما أن نقول: إذا كانت السياحة كذا، أو خلت من كذا من المنكرات؛ فسوف يكون كلاما نظريا، يتحدث عن سياحة أخرى سوى التي يعرفها الناس ويرونها الآن.

وليس من شك في أن العمل في مثل هذا المجال هو من التعاون على الإثم والعدوان، والركون إلى الفجرة والفساق، وأهل العصيان. وقد قال الله تعالى: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) هود/١١٣.

قال الشيخ السعدي، رحمه الله:

" {وَلا تَرْكَنُوا} أي: لا تميلوا {إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} فإنكم، إذا ملتم إليهم، ووافقتموهم على ظلمهم، أو رضيتم ما هم عليه من الظلم {فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} إن فعلتم ذلك {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} يمنعونكم من عذاب الله، ولا يحصلون لكم شيئا، من ثواب الله.

{ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} أي: لا يدفع عنكم العذاب إذا مسكم، ففي هذه الآية: التحذير من الركون إلى كل ظالم، والمراد بالركون، الميل والانضمام إليه بظلمه وموافقته على ذلك، والرضا بما هو عليه من الظلم.

وإذا كان هذا الوعيد في الركون إلى الظلمة، فكيف حال الظلمة بأنفسهم؟!! نسأل الله العافية من الظلم ". انتهى. "تفسير السعدي" (٢٩٠) .

وأيضا فالسياحة قائمة في أساسها على التنقل بين الأماكن الأثرية التي تستهوي السياح، كديار ثمود، ومعابد الفراعنة ومقابرهم، وهذه أماكن عذاب ولعنة، لا يجوز الدخول فيها والتنزه عندها.

فعن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَرَّ بِالْحِجْرِ قَالَ: (لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ) ثُمَّ تَقَنَّعَ بِرِدَائِهِ وَهُوَ عَلَى الرَّحْلِ. متفق عليه.

قال النووي رحمه الله:

" فِيهِ الْحَثّ عَلَى الْمُرَاقَبَة عِنْد الْمُرُور بِدِيَارِ الظَّالِمِينَ , وَمَوَاضِع الْعَذَاب , وَمِثْله الْإِسْرَاع فِي وَادِي مُحَسِّر لِأَنَّ أَصْحَاب الْفِيل هَلَكُوا هُنَاكَ , فَيَنْبَغِي لِلْمَارِّ فِي مِثْل هَذِهِ الْمَوَاضِع الْمُرَاقَبَة وَالْخَوْف وَالْبُكَاء , وَالِاعْتِبَار بِهِمْ وَبِمَصَارِعِهِمْ , وَأَنْ يَسْتَعِيذ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ " انتهى.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة:

" ذكرت في آخر رسالتك أنك مدير السياحة في بلدك، فإذا كانت هذه السياحة مشتملة على تسهيل وتيسير فعل المعاصي والمنكرات والدعوة إليها، فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يكون عونا على معصية الله ومخالفة أمره، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه" انتهى.

"فتاوى اللجنة" (٢٦/٢٢٤)

وسئلت اللجنة أيضا:

ما حكم السفر إلى البلاد العربية والإسلامية بهدف السياحة، مع العلم أننا لا نذهب إلى أماكن اللهو؟

فأجابت: " لا يجوز السفر إلى أماكن الفساد من أجل السياحة؛ لما في ذلك من الخطر على الدين والأخلاق؛ لأن الشريعة جاءت بسد الوسائل التي تفضي إلى الشر " انتهى.

"فتاوى اللجنة" (٢٦/٣٣١)

والخلاصة:

أنه لا يجوز العمل في سياحة ولا غيرها، مما فيه تسهيل مقاصد أهل المعاصي، أو الرضا بمعاصيهم، وإعانتهم عليها، أو ترك الإنكار عليهم مع القدرة، بل من عجز عن تغيير المنكر، أو إنكاره، وجب عليه أن يفارق أهله، لا أن يصاحبهم، ويرشدهم إلى سبيله.

راجع إجابة السؤال رقم (٨٢٤٠٢) - (١٢٥٧٩٩)

والله تعالى أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>