صفة الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[" كيف يكبر الشخص قبل صلاة الجماعة " (يقصد الأذان) ، ما هي الكلمات التي يقولها؟ هل يقول كل شيء مرتين في الأذان أم يكفي واحدة. اختلط علي الأمر بهذا الشأن.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم صيَغ متعددة للأذان، ويسن العمل بها جميعاً على وجوهها المتعددة الواردة إحياء للسنَّة وقطعاً للنزاع والخلاف الذي قد يُحدثه من لا علم عنده أو من يتعصب لمذهبه.
قال الشيخ ابن عثيمين:
كل ما جاءت به السنة من صفات الأذان فإنه جائز، بل الذي ينبغي أن يُؤذَّن بهذا تارة وبهذا تارة إن لم يحصل تشويش وفتنة.
فعند مالك: سبع عشر جملة بالتكبير مرتين في أوله مع الترجيع – وهو أن يقول الشهادتين سرّاً في نفسه ثم يقولها جهراً -.
وعند الشافعي: تسع عشر جملة بالتكبير في أوله أربعاً مع الترجيع.
وكل هذا مما جاءت به السنَّة، فإذا أذَّنتَ بهذا مرة وبهذا مرة كان أولى، والقاعدة: " أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة ينبغي للإنسان أن يفعلها على هذه الوجوه ".
" الشرع الممتع " (٢ / ٥١، ٥٢) .
ومذهب الإمام أحمد وأبي حنيفة: أن الأذان خمس عشر جملة وهو أذان بلال رضي الله عنه
دليل مذهب مالك والشافعي:
عن أبي محذورة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم علَّمه هذا الأذان: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمَّداً رسول الله أشهد أن محمَّداً رسول الله، ثم يعود فيقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمَّداً رسول الله أشهد أن محمَّداً رسول الله، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. رواه مسلم (٣٧٩) .
فهذا الحديث دليل لمذهب مالك والشافعي، لأنه قد ورد التكبير في أوله على وجهين: مرتين كما هو مذهب مالك، وأربعاً كما هو مذهب الشافعي.
قال النووي رحمه الله:
هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيث فِي صَحِيح مُسْلِم فِي أَكْثَر الأُصُول فِي أَوَّله اللَّه أَكْبَر مَرَّتَيْنِ فَقَطْ , وَوَقَعَ فِي غَيْر مُسْلِم اللَّه أَكْبَر اللَّه أَكْبَر اللَّه أَكْبَر اللَّه أَكْبَر أَرْبَع مَرَّات. قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه: وَوَقَعَ فِي بَعْض طُرُق الْفَارِسِيّ فِي صَحِيح مُسْلِم أَرْبَع مَرَّات. . . وَبِالتَّرْبِيعِ قَالَ الشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَأَحْمَد وَجُمْهُور الْعُلَمَاء , وَبِالتَّثْنِيَةِ قَالَ مَالِك , وَاحْتُجَّ بِهَذَا الْحَدِيث اهـ
وأما دليل أبي حنيفة وأحمد:
عن عبد الله بن زيد قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يُعمل ليُضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى، قال: فقال: تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمَّداً رسول الله أشهد أن محمَّداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: وتقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمَّداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال: إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك، فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد.
رواه أبو داود (٤٩٩) .
وصححه ابن خزيمة (١ / ١٩١) وابن حبان (٤ / ٥٧٢) ، ونقل الترمذي تصحيحه عن الإمام البخاري كما في " سنن البيهقي " (١ / ٣٩٠) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(وإذا كان كذلك فالصواب مذهب أهل الحديث ومن وافقهم وهو تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكرهون شيئا من ذلك إذ تنوع صفة الأذان والإقامة كتنوع صفة القراءات والتشهدات ونحو ذلك. وليس لأحد أن يكره ما سنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، وأما من بلغ به الحال إلى الاختلاف والتفرق حتى يوالي ويعادي ويقاتل على مثل هذا ونحوه، مما سوغه الله تعالى كما يفعله بعض أهل المشرق فهؤلاء من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، ... ومن تمام السنة في مثل هذا: أن يفعل هذا تارة وهذا تارة وهذا في مكان وهذا في مكان؛ لأن هجر ما وردت به السنة وملازمة غيره قد يفضي إلى أن يجعل السنة بدعة والمستحب واجبا ويفضي ذلك إلى التفرق والاختلاف إذا فعل آخرون الوجه اآخر، فيجب على المسلم أن يراعي القواعد الكلية التي فيها الاعتصام بالسنة والجماعة لا سيما في مثل صلاة الجماعة ... والترجيع في الأذان اختيار مالك والشافعي: لكن مالكا يرى التكبير مرتين والشافعي يراه أربعاً، وتركه اختيار أبي حنيفة، وأما أحمد فعنده كلاهما سنة وتركه أحب إليه؛ لأنه أذان بلال.
والإقامة يختار إفرادها مالك والشافعي وأحمد وهو مع ذلك يقول: إن تثنيتها سنة والثلاثة: أبو حنيفة والشافعي وأحمد يختارون تكرير لفظ الإقامة دون مالك، والله أعلم.)
" مجموع الفتاوى " (٢٢ / ٦٦ – ٦٩) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب