ـ[ما هو الحكم الشرعي بهذه الصورة: رهن أحد الأشخاص أرضاً زراعية معلومة المساحة، بمبلغ معين، لأحد الناس، لحين قدرته على سداد المبلغ، ويستلم المرتهن الأرض ويقوم باستثمارها، ويأخذ إنتاجها لنفسه ولا يُعطي الراهن منه شيئاً، وذلك لحين سداد مبلغ الرهن، وقد تطول مدة الرهن إلى عشرات السنين، ولا يُسلِّم المرتهن الأرض لصاحبها إلا بعد أن يأخذ مبلغ الرهن كاملاً. فأولاً: ما حكم هذا الإنتاج الذي يحصل عليه المرتهن طول هذه المدة، هل هو حلال أم حرام؟ وماذا يفعل من فعل هذا إن كان هذا الفعل محرماً هل يجب التوبة منه؟ ثانياً: ما موقف الراهن الذي أجبرته ظروفه المالية على هذا الرهن؟ ثالثاً: ما موقف الشهود على العقد الخاص بهذا الرهن، علماً أن الراهن يُقر في هذا العقد بأنه أباح للراهن منفعة هذه الأرض بلا حصة ولا أجرة لحين تسديد المبلغ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"انتفاع المرتهن بالرهن فيه تفصيل:
أولاً: إذا كان انتفاعه به بغير إذن الراهن فهذا لا يجوز بحال، لقوله صلى الله عليه وسلم:(لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبةٍ من نفسه) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا) وقوله صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه) والأحاديث في هذا كثيرة، فلا يجوز للمرتهن أن ينتفع بالرهن بغير إذن الراهن.
قال في المغني: لا نعلم في هذا خلافاً يعني بين أهل العلم.
أما إذا أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع بالرهن، فإن كان الدَّيْن، دَيْنَ قرض، فإنه لا يجوز للمرتهن أن ينتفع بالرهن، وإن أذن الراهن، لأن هذا يُصبح من الربا، لقوله صلى الله عليه وسلم:(كل قرضٍ جر نفعاً فهو رباً) والحديث وإن كان فيه مقال؛ ولكن إجماع أهل العلم على ذلك، أن المقرض لا يجوز أن ينتفع من مال المقترض بسبب القرض، فيكون هذا من الربا، ولا يجوز كتابة هذا الشيء ولا الشهادة عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه) ، وهذا من الربا.
فإذا كان الدين قرضاً، ورهن المقترض شيئاً عند المقرض فلا يجوز له الانتفاع به، سواء أذن أو لم يأذن، لأن هذا من الربا.
أما إذا كان الدين غير قرض، بأن كان ثمن مبيع مثلاً، وما أشبه ذلك، وأذن له الانتفاع به، فلا حرج عليه في ذلك، لعدم المحذور" انتهى.