للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فساد مقولة (إرادة الشعب من إرادة الله)

[السُّؤَالُ]

ـ[قرأت في بعض كتب المفكرين عبارة (إرادة الشعب من إرادة الله) أرجو الإفادة عن صحة هذه العبارة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

سئل الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله عن هذا الإطلاق فأجاب قائلاً:

(هذا افتراء عظيم تجرأ به على الله بعض فلاسفة المذاهب ومنفذيها جرأة لم يسبق لها مثيل في أي محيط كافر في غابر القرون، إذا غاية ما قص الله عنهم التعلق بالمشيئة بقولهم: (لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء) الأنعام /١٤٨.

فكذبهم الله، وهؤلاء جعلوا للشعب الموهوم - إرادة الأمر - لتبرير خططهم التي ينفذونها، ويلزم هذا الإفك إفساد اللوازم المبطلة له، الدافعة لمن قاله، إذ على قولهم الفاسد يكون للشعب أن يفعل ما شاء ويتصرف في حياته تصرف من ليس مقيداً بشريعة وكتاب، بل على وفق هواه، وعلى أساس المادة والشهوة، والقوة، كالشعوب الكافرة التي لا تدين بدين يقبله الله، ولا ترعى خُلقاً ولا فضيلة.

فهذا الإفك العظيم لم يجرؤ عليه أبو جهل ومن على شاكلته مع خبثه وعناده، لأن قبحه معروف ببداهة العقول، حيث إن أذواق الشعوب ونزعتها تختلف، فإذا جعلت إرادة الشعب من إرادة الله صارت نزعات الوجودية، والشيوعية، والنازية، والصهونية، ووحشية الغاب وغيرها من إرادة الله التي أمر بها، وصار كل ما تهواه النفوس الشريرة، ويعشقه مرضى القلوب من التهتك، والإنحلال، ومعاقرة الخمر، ودغدغة الغرائز، وإشباع الشهوات على حساب الغير من أمر الله.

فعلام ينتقدون غيرهم، ويصيحون عليه إذا كانت إرادة الشعوب ورغباتها من إرادة الله في حكمه الذي يرتضيه؟ ولأي شيء يرسل الله الرسل، وينزل الكتب، ويشرع الجهاد، والأمر والنهي على الناس إذا كانت إرادتهم من إرادته التي يرتضيها؟.

هذا هو عين المحال، ومنتهى الفجور والضلال، والذين تزعموا هذا الإفك لا يطبقونه على أنفسهم، بل يسمحون لها بغزو الشعب الذي لا يخضع لسلطانهم، ولا يسير وفق أهدافهم.

فكأن الشعب الذي يحكمونه هم بقوة الحديد والنار هو الشعب الذي إرادته ألوهيةً من إرادة الله.

والباطل لابد أن يتناقض، وينادي على نفسه بالبطلان، فقد أشركوا بالله شركاً عظيماً، إذ جعلوا الشعب نداً من دون الله، وأهواءه أنداداً لشريعته وحكمته، بدلاً من أن يكون محتكماًُ إلى الله، ملتزماً لحدوده، متكيفاً بشريعته، منفذاً لها) .

[الْمَصْدَرُ]

الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة ص ٧٧-٧٨

<<  <  ج: ص:  >  >>