يُكرهها والدها على حضور مجالس فيها بدع فكيف تتصرف معه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يجبرني والدي أنا (١٩) وأخي (١٥) وأختي (١١) على الذهاب إلى مكان تمارس فيه البدعة، وإذا لم أذهب فإن والدي سيعلم بذلك، ويفوت الناس أحياناً في هذا المكان أداء الصلاة، ويقومون بالغناء، وقراءة أسماء الله التسع وتسعين مع بعضهم البعض، مع التأرجح للأمام والخلف (لم أعلم أبداً أن الصحابة قاموا بذلك!) مع إضافة بعض الإضافات فى نهاية سورة الفاتحة. أسلمتُ حديثا ولا أريد أن أضل كما يحدث للبعض، فأنا أريد أن أتمسك بسنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فأنا أخشى إذا لم أذهب لهذا المكان أن أُطرد من المنزل لعصيانى والدي، وليس لدي مكان آخر أذهب إليه، ولكن أخبرني أحدهم أيضاً بالحديث القائل بأننا يجب أن نترك المكان الذي توجد به البدعة، ولا أعرف ماذا أفعل، فأنا أفضِّل أن أخبر والدي بأنني لن أذهب، وأطرد من المنزل؛ لأنني أخشى الله، ولكن ذلك سيكون قطعاً للرحم وهو من الكبائر! وإذا تركت المنزل فماذا عن أخي وأختي؟ وكيف أنقذهم من هذه البدعة؟ وأين أذهب؟ هل يجوز لى أن أترك المنزل وأعيش مع إحدى الأخوات أم أحتاج لمحرم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قراءة هذه الرسالة وإن كان المرء ليحزن لما فيها: إلا أنه يفرح لما يقرؤه من فطنة وذكاء وحسن اتباع من هذه الأخت الفاضلة، فهي مستاءة من وجود هذه البدعة، وتخاف أن تقع في معصية مخالفة والدها الذي يأمرها بالذهاب لمكان تلك البدعة، وهي – أيضاً – تفكِّر في الخروج من البيت إلا أنه يقلقها حال أخيها وأختها، وتخشى أن تكون مخالفة للشرع إن لم يكن معها محرَم، وهذا كله وهي مسلمة حديثاً، فنسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يثبتها على الحق وإخوتها، وأن يهدي أهلها لاتباع السنَّة.
ثانياً:
نقول للأخت السائلة الفاضلة:
١. لا شك أن حضور تلك المجالس بما فيها من بدع ومعاصٍ يعدُّ أمراً مخالفاً للشرع، فلم يكتفِ أولئك المبتدعة ببدعهم من ذكر أسماء الله بالغناء والرقص، حتى أضافوا إليها معاصي بيِّنة وهي تفويت الصلاة عن وقتها، وهذا يدل على كذب زعمهم أنهم يتعبدون الله ويتقربون له، ولو كانوا صادقين لحرصوا على التقرب له بما شرع، ولما ضيعوا الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام العملية، وقد جاءت النصوص في القرآن والسنة تتوعد من أداها في غير وقتها، وتتوعد من ضيعها.
٢. من المعلوم شرعاً أن الذهاب لتلك المجالس البدعية فيه إثم كبير، ويترتب عليه مفاسد كثيرة، لكن قد يكون من المصلحة تأخير الامتناع من الذهاب؛ لما يترتب على هذا التأخير من جلب مصالح ودفع مفاسد كثيرة.
٣. ومن مصالح ذهابك الآن: الحفاظ على أختك وأخيك من أن لا يكون معهما من يوجههما ويبين لهما خطأ هذه الأفعال، ومن المصالح كذلك: أن لا يكون عدم الذهاب سبباً لطرد والدك لك من البيت، وهو الأمر الذي يترتب عليه مفاسد وشرور، لا يعلم مداها إلا الله، لا سيما في البلاد التي تعيشين فيها، بل والله وفي غيرها من البلاد، ومن (الذي يأمن على شاة لا راعي لها) في وسط الذئاب: ومن رعى غنماً في أرض مسبعة، ونام عنها تولى رَعْيَها الأسدُ.
٤. فنرى لك أن تبقي على الذهاب مع التقلل منه بقدر طاقتك واختراع الأسباب المقبولة – عند والدك – للتأخر عن الذهاب مع بذل الوسع والطاقة في إدخال أطراف من الناس العقلاء من أهل السنَّة لتوضيح الحق لوالدك، وتبيين الحق له.
٥. ومثلك لا نخشى عليه – إن شاء الله - من الاغترار بما يفعله أولئك المبتدعة الجهلة، ومع ذلك فإننا نوصيك بتقوية إيمانك بالطاعات، وبتقوية علمك بالقراءة والاطلاع على كتب أهل السنَّة؛ وهذا نافع لك، وسؤال أهل السنة الثقات عن كل ما يُشكِل عليك أمره، مع التنبيه على وجوب متابعة إخوتك بالنصح والتوجيه والإرشاد، وكذا انتقاء بعض من يحضر تلك المجالس من بنات جنسك لدعوتهم للحق والصواب.
٦. ونوصيك إن ذهبت هناك بالابتعاد عن تلك المجالس قدر الاستطاعة، وذلك بالجلوس مع النساء في غرف مستقلة بعيدة عن تلك البدع والانحرافات، وكوني – كلما قدرت – آخر الداخلين وأول الخارجين.
٧. ونوصيك بالجلوس مع والدك، والتفاهم معه على ما يأمرك به، وعلى قناعاته بأولئك المبتدعة، فأنتِ في سنٍّ يمكنك فعل ذلك معه، وعندك من الفهم ما يؤهلك لتكوني مقنعة له إن شاء الله.
٨. داومي على الدعاء لوالدك، وداومي على النصح له، وأكثري من حسن المعاملة له؛ فإن (الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
ونسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يثبتك على الحق، وأن يهدي والدك للحق.
والله الموفق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب